عودة ترسانة الماضي لـ (قشمرة) الجماهير

مثلما جاء طلب رئيس الوزراء بتأجيل المظاهرات مفاجئاً وفي الوقت الحرج، أي قبيل ساعات من انطلاقها، جاءت اجابة اللجنة التنسيقية سريعة وايجابية بالاستجابة اليه وآجلت التظاهر.. والجمهور من خلال تعبيره عن رأيه في مواقع التواصل انقسم الى فريقين فوراً ، ووجد ذلك ايضاً يوم الجمعة حيث خرج الاف منه في ساحة التحرير .

نأمل ان لا يؤثر ذلك على وحدته وتحشده خلف مطالبه المشروعة والتي لم تستجب لها الحكومة حتى لو من باب المجاملة بالموافقة على احداها لاثبات حسن نيتها... ايام زمان في العهود السابقة عندما كان الحكام واحزابهم كانوا يملأون الاعلام ضجيجاً بشعار كل شيء من اجل المعركة واسترداد فلسطين من الاسرائيليين وطالما طالبوا الناس بالسكوت والصمت وعدم المطالبة بحقوق تحت يافطة هذا الشعار الذي بين مرحلة واخرى نخسر جزءاً من فلسطين بل كلها واراضي من دول عربية اخرى، والحكام يتغنون بشعارهم الذي كانت ترجمته العملية انعدام الحريات وهدر الموارد وسرقتها وضعف الخدمات وتخلف البلدان، وتجيهل الناس، واستمرار الفساد الذي يوفر البيئة الملائمة للخسائر ويمولها.

ومن كان يتجرأ على التظاهر والمطالبة بحقوقه التي نصت عليها الدساتير او المواثيق وخطب حكامه سيكون مصيره معروفاً اما ان يكون في مفازة او تغيب عنه الشمس في اقبية الدولة المحصنة او عصا غليظة تفلج رأسه فيكون سعيد الحظ ما لم تأته رصاصة ممن يفترض ان يحميه.

ما اشبه اليوم بالبارحة في البداية حاول العبادي توظيف المظاهرات في مصلحته واعتبرها وسيلة ضغط من اجل التغيير والاصلاح المزعوم ونال منها مراده بتفويضه ومن ثم ادار ظهره لها والمعارك ضد الارهاب كانت جارية ومستمرة في صلاح الدين والانبار وتحررت الرمادي وهيت والرطبة، فما حدا مما بدى، اليوم يتهم ، ما كان يشيد بالامس ، بانهم مندسون ولا تتمكن القوات الامنية من حماية مئات المتظاهرين السلميين في ساحة التحرير، ويتذرع بانهم يشغلونها عن اداء مهماتها.

اذا كان 33 الف مقاتل بطل يواجهون في اقصى التقديرات الف ارهابي في معارك الفلوجة غير كافين يمكن زيادتهم الى بضعة الاف آخرين من افواج الحماية والاعداد الهائلة وما الى ذلك، كلنا ندعم الجيش معنوياً ومادياً والتظاهر بحد ذاته دعما ملموساً من هؤلاء المتظاهرين. انهم يشكلون مع الجيش حالة واحدة، فهم ينشدون محاربة الفساد والاصلاح الشامل الذي يصلب الجبهة الداخلية وخلف خطوط المواجهة مع العدو، اما كان بامكان رئيس الوزراء الاستجابة الى بعض مطالبهم ويعزز هذه الجبهة ويقويها ويشعرهم بانه منهم واليهم وينفي عن نفسه ما يتهم به من تسويف ومماطلة وتردد وانه ليس رجل المرحلة؟

هو المدرك ان القضاء على الارهاب ليس بالعمليات العسكرية وحدها، وانما المعركة شاملة واسعة ومساحتها كل المجالات والاصعدة، لا ان يعطي الانطباع لدى فئات من الناس انه يستثمر ويوظف المعارك لاطفاء المعارضة للاداء السيئ ورفض النهج الذي لم يثبت نجاعته ولا اسهم في بناء لمشروع الدولة في عصرها الجديد.

كان يمكن للجنة التنسيق ان تستجيب الى طلب رئيس الوزراء والدعم الملموس لقواتنا البطلة على حد سواء، كأن تنظم حفل تضامني لدعم القضاء على الارهاب في مكان مغلق او ملعب او كما اقترح احدهم التبرع بالدم على شكل مجموعات بالانطلاق من ساحة التحرير.

بالامس كانت المظاهرات وما تزال وستبقى هي في جوهر مطالبها ضد الارهاب وخلاص البلد وابنائه من كل خارج على القانون والمبادئ الاخلاقية السامية والشرعية. وسوف يتم تلافي ذلك وعدم السماح للمحاولة هذه شق وحدة المتظاهرين والانتباه الى المكائد المقصودة وغير المقصودة لتفريقهم او الدفع الى اتخاذ قرارات لم تمحص كفاية فقد ارتفعت اصوات هي الاخرى لا تنتبه الى ما تقول وتناست ان هذه المجموعة او تلك كانت وما تزال تتقدم الصفوف ووضعت دمها على كفها لخدمة شعبنا.