متى يرتاح العراقي ؟

 

 متى يرتاح العراقي؟ هذا السؤال يطرحه المواطن العراقي وهو بعمر 18  سنة عندما كان يساق للخدمة الإلزامية ،كانت أيام الحرب العراقية الإيرانية مسرحا كبيرا لأسئلة كثيرة تحمل بذور التشاؤم بشكل كبير جد. ،أتذكر جيدا ذات يوم في البصرة وبعد نهاية معركة مدمرة سألني أحدهم متى يرتاح الشعب العراقي؟ لم يكن هنالك ثمة جواب مقنع ولكن قلت له بالتأكيد سيأتي ذلك اليوم الذي نرتاح فيه جميعا ،لم يكن أحد منا يصدق إن الحرب ستنتهي لكنها انتهت واحتفل من بقي منا على قيد الحياة بتلك النهاية التي أسعدتنا وكأننا دخلنا حياة جديدة، أرتحنا سنة ونيف قبل أن ندخل (معمة جديدة) بدأت في آب 1990  ولم تنته بعد ،لازالت مستمرة حتى يومنا هذا تداخلت معها (معمعات) كثيرة ،سقوط نظام ، فوضى هادئة قبل انتخابات 2005  إرهاب مستمر وحرب أهلية وسيطرات وهمية من جميع الأطراف،قتل على الهوية ،وفساد في كل مفاصل الدولة ،اعتصامات ، مظاهرات، احتجاجات تحفل بها ساحات بغداد والمحافظات وصرخات قوية تعج بها صفحات الفيسبوك كلها ضد الفساد والمحاصصة ولا زلنا نسأل متى يرتاح العراقي؟ أصبحنا على أبواب الستين ونسأل متى نرتاح؟

نعم سـيأتي يوم نرتاح به ونـنعم بحــياة حرة كريمة وتتحول كل سنواتنا العجاف التي مررنا منا لمجرد ذكرى وعندما تطالعها ألأجيال القادمة لا تصدق إننا كنا بهذه الوحشية وهذه القساوة مع بعضنا البعض، الأجيال القادمة بعد أربعين سنة لا تصدق عندما يروي لها من يتبقى منا على قيد الحياة. إن الطريق من بغداد إلى بابل كان طويل جدا وفيه عشرات السيطرات الوهمية التي تقتل الناس على الهوية، لن يصدقوا بعد أربعين سنة أننا بنينا جدران بين زقاق وآخر ومحلة وأخرى  ،ونصب كل منا مدافع الهاون ليستهدف الآخر، ولن يصدقوا إن عراقي سرق مليارات ، لأنهم سيعيشون في بلد بعد أربعين سنة الكل ينظر إليه كجنة الله في أرضه ، بلد لا أحد يرفض لعب مباراة دولية على أرضه بل الجميع يسعى له خاصة وإنه بعد عامين (بعد 42  سنة) سينظم كأس العالم التي ارتفعت عدد الدول المشاركة فيها إلى (64  دولة) لا دولة قادرة على تنظيم ذلك سوى العراق الذي تحول في السنوات العشر الأخير إلى أسد اقتصادي عبر أكتفاء ذاتي ونظام سياسي مستقر ودينار قوي جدا تخشاه كل العملات .. قد نكون في حلم عندما نتكلم هكذا ،ولكن نحن نمتلك مقومات أن نكون هكذا ، مقومـــات أن يرتاح العراقي موجودة داخل كل عراقي حر غيور على بلده، نعم ما مررنا به لــــيس هو القاعدة بل الإستثــــــناء قد يكون هذا الإستــــــثناء طويلا بحساب أعمارنا لكنها مجرد سنوات قليلة بحسابات التاريخ.