المقايضة والرهان الخاسر

 

 مع مطلع عام 2014  وبعد ان شارك المواطن في عملية تصويت شديدة الحرارة من اجل تغيير الخارطة السياسية والعملية الانتخابية التي جرت قبل الاعوام الثمانية الماضية والتي تميزت بالمأساة وخرق القوانين وسيادة الفساد الاداري والمالي والخروقات الامنية البغيضة التي فرضت نفسها على الحياة السياسية في العراق بعد الاحتلال الانكلو امريكي سيء الصيت لكن الرؤية الحزبية الضيقة والحس الطائفي لدى بعض الكتل والكيانات السياسية خلق انصاف الرجال من السياسيين اللاعبين في ديمقراطية العراق التوافقية، التي تؤمن بالختلاف والتناحر من اجل تحقيق المصالح الفردية في العملية السياسية وغلق الابواب بوجه كل محاولات التغيير والاصلاح التي يتطلع اليها المواطن، وحرف المسار باتجاه معاكس لهذه الامال مما ادى الى ان تتفجر معاناة الناس في 2015/7/5  بتظاهرات تطالب بالاصلاح والتغيير وتحسين الخدمات، وقابلتها سلطة الحكومة باساليب التسويف والمماطلة وركب الموجة رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وتعهد بأنه سيقود عملية التغيير والاصلاح وحظا على دعم من مختلف الجهات، وعلى مدى عام واكثر لم يتحقق من وعودة اي شي سواء الكلام الفارغ بل مضت الامور من سيء الى اسوأ واصبح على شفى الانهيار الاقتصادي والمالي والاداري، فانصاف الرجال من السياسيين فاقدي الحس الوطني ازداد اصرارهم وتمسكهم بالمحاصصة في ديمقراطية العراق التوافقية التي نهبت ثروات العراق ووزعتها بالنسب المئوية والمحسوبية والمنسوبية بين حيتان الفساد التي تقاسمت وزارات ودوائر الدولة حسب مبدأ المحاصصات، فواهم من يتصور ان التغييرات والاصلاح هي في هذه المهزلة التي تجري والتي انحسرت في تعديل وزاري لايتعدى اصابع اليد، ان التغيير والاصلاح مسألة اكبر من ذلك وهي مصيرية وتتعلق بمصير الشعب فالذي يتصدى لهذه المسألة عليه ان لايوهم الناس بانصاف الحلاول ويدعي بأنه حقق انتصارا بهذه الترقيعات الوزارية (التي تعتبر تدوير للنفايات) فهذه التعديلات الوزارية جاءت بعد مقايضتها بتضحيات الجماهير ليحصل من ادعى بأنها انتصار على مغانم شخصية ووجاهات السفارات الايرانية والامريكية (الشيطان الاكبر).  فعلى المواطن ان يدرك بأن التغيير والاصلاح الحقيقي لايأتي على ايدي عناصر تحمل الحس العرقي والطائفي والتي اصرت على تمسكها بالمحاصصة الحزبية والطائفية والاثنية التي جلبت المأساة والمصائب الى العراقيين بمختلف طوائفهم العرقية والدينية.

فبعد تلك المعاناة والمأساة يكون الشعب قد عرف طريقه وعليه ان يسير في هذا الطريق من دون تردد او خوف فامامه الظاهر والدفين، والخيط والابيض والاسود وفي طريقه الخير والشر والحق والباطل والمحسوبية والمنسوبيه والعدل والمساواة والوطنية والعمالة، وعليه بعد ان عرف هذه الحقائق المضي بالاصلاح الاجتماعي والاقتصادي والثقافي من اجل اعادة الحقوق التي سلبها رؤساء الكتل والاحزاب المؤبوءة الفاسدة بغفلة دون خوف من الله، فطريق الحق يجب ان يمضي فيه كل حريص على وحدة العراق  وسيادة الشعب ورفاهيته ويعمل من اجل فقراء العراق وحماية ثرواته الوطنية ويحافظ على الاستقلال السياسي الذي هو جسد الدولة والاستقلال الاقتصادي الذي هو روحها وكذلك يعمل على صيانة ثرواة العراق التي هي ملك للشعب والامة وان لاتوزع بالنسب المئوية والمحسوبية وانما هي وجدت من اجل ابناء الشعب (مجموع الشعب دون تمييز للجنس والعرق والدين) ووجدت لاجل بناء المجتمع القائم على العدل والمساواة والعدالة الاجتماعية، ومن هذه الرؤية الوطنية الواضحة تتطلع الجماهير الشعبية لتحقيق التغيير الشامل وبناء مؤسسات الدولة الوطنية وخلق المواطن الذي يعرف ان (المؤمن لايلدغ من جحر مرتين) فأين صوت القدوة من هذه المقايضة الباطلة والتي ذهبت توجيهاتها الكريمة ادراج الرياح.