الحياة في العراق .. بمبي بمبي بمبي |
لعن الله الكذابين ومن والاهم ومن حاباهم فهم في النار مثواهم .. هذه اللعنه ليست من العبد لله كاتب المقال بل هي لعنة ربانية حدد فيها رب السماوات والارض المصير الذي سيواجهه الكذاب .. فالكذب هو في كل الاعتبارات فعل محرم حرمته كل الاديان السماوية .. وقد يكون الكذب بسيطا لكنه اذا تطور ولازم الفرد فعند ذلك يكون الفرد مصاب بداء يتطلب المعالجة لكي لايستفحل ويقترن بجرائم الغش والنصب والسرقة .. والكذب يحتاج الى قدرات ذهنية وقدرات نفسية وانفعالية مثل التحكم بمشاعره وتعابير وجهه وتصرفاته وتكييفها حسب الوضع الذي يخلفه عندما يكذب مثلما يفعل الكثير من السياسيين العراقيين الذين امتهنوا هذه المهنة للضحك على ذقون العباد .. والكذب انواع كذب ابيض وكذب اسود فالكذب الابيض يمتهنه البسطاء وقد اشتهر في هذه المهنه التي كانت مصدر رزقه ابراهيم عرب وكان يكنى باسم " ابو فخري " ويمتلك ابراهيم عرب مقهى شعبي يرتاده عدد كبير من محبي الاستماع الى قفشاته حيث كان يطلق بالونات حسب التسمية البغدادية تجعل المستمع لحكاياته البالونية يندهش ويصاب بالدوار كونها حكايات تفوق الخيال العلمي والمنطق ولايتصورها عقل .. هذه الحكايات ربما تكون من ضمن اساليبه لجذب الزبائن الى المقهى اضافة الى اعطاءه شهرة حيث كانت حكاياته البالونية تثير اهتمام المواطن البغدادي الذي يعشق النكتة والفكاهة ويقول ابراهيم عرب انه قادر على ايجاد الحلول لكل المشاكل التي تواجه المجتمع ويتلوا رواياته العجيبة الغريبة ببرود وتلقائية عجيبة دون تلعثم وكانه عاش الحالة لكن مبالغته الكبيرة في سرد الاحداث غالبا ما كانت تثير الضحك.. ويروي ابراهيم عرب للزبائن مغامراته في السفر والتجوال والتي تفوق الخيال ومن الروايات التي تنسب الى ابراهيم عرب حيث يقول " في احد الايام اشتهيت ان أكل سمكا مسكوفا ففكرت في نفسي وقلت لماذا اذهب لشراء السمك من العلوه مادام السمك موجود في الشط فذهبت بجانب نهر دجلة وجلست على المسناية وكان الهواء عذيبي فرميت الشص " السنارة " بعيدا فوقعت ابعد من منتصف النهر وجلست انتظر فضربني النعاس من شدة عذوبة الهواء فغفوت ورحت في نوم عميق وبعد فترة احسست بأن الشص يتحرك فأفقت وبدأت بسحب الخيط وكان شديد القوة وقلت في نفسي يبدو انها سمكة كبيرة فنفخت في يدي الاثنين وأغمضت عيناي وبدأت بالسحب .. أسحب .. أسحب .. أسحب ولم اسمع الا صوت دوي كبير " دم م م م م م م م م م " وحين فتحت عيناي ماذا رأيت .. رأيت ان صوب الرصافة طبكت على صوب الكرخ يظهر ان السنارة سحبته " فضحك الحضور.. اما الكذب الاسود فيشكل خطورة على المجتمع كونه يدخل في خانة خداع المواطنين ونتائجه قد تكون كارثية وغالبا مايستخدمه المسؤول المنهزم فيصور للمواطنين المخدوعين أمور من نسج خياله أمور مبالغ فيها مثلما كان يفعل أمين بغداد السابق الذي ملأ الشارع العراقي ضجيجا عندما وصف بغداد المدينة الاجمل والانظف من بين عواصم دول متطورة كواشنطن ودبي فكان محل استهجان المواطنين خاصة وان واقع الحال يؤشر ان مدينة بغداد هي ليست كبقية المدن في مستوى النظافة والتنظيم والعمران .. وهذه الكذبة تندرج ضمن الكذب الاسود الذي دأب الكثير من المسؤولين اطلاقها لغرض تشويش فكر المواطن البسيط محدود الثقافة الذي لم تطأ قدمه عتبة الحدود العراقية للاطلاع على ما وصلت اليه مدن عربية واجنبية من تقدم في مجال الخدمات .. فبقي ذلك المواطن اسير اكاذيب المسؤولين الذين صوروا له " الهور مركه والقصب اخواشيك " مثلما حصل معي خلال زيارتي تونس مؤخرا حيث سألني سائق سيارة الاجرة عن بغداد وهل يوجد فيها " مترو " فقلت له " يوجد لدينا في بغداد ثلاثة والرابع قيد الانجاز " وسألني عن طبيعة الجو في بغداد فقلت له " انه متوسط الحرارة ومنعش يتخيل للمرء خلال فترة الصيف او الشتاء انه يعيش اجواء الربيع " فالتفت الي السائق وقال " وماذا عن داعش وسيطرتها على اجزاء عديدة من الارض العراقية " فقلت له " انها كذبة تروج لها اجهزة الاعلام المعادية فلا يوجد نشاط لداعش في العراق وان نشاطها يقتصر على مناطق قرب الحدود السورية ينفذها ثلاث او اربع اشخاص مسيطر عليهم من قبل قواتنا المسلحة " فقال السائق " ما شاء الله " هذا النوع من الكذب يندرج ضمن قائمة الكذب الابيض خاصة واني اردت من خلاله تجميل صورة العراق ولكي لا اكون في موقف ضعف نتيجة التردي الحاصل في مجمل الخدمات مضافا لها الوضع السياسي الذي بات يؤشر وضعا اكثر ترديا حتى بات المواطن يسير في شوارع بغداد وهو يكلم نفسه ويغني اغنية " الحياة بمبي .. بمبي بمبي بمبي " مع الاعتذار للممثله المصرية سعاد حسني . |