فوضى حد النخاع

 

ان الحياة في التنظيم ( كما يقال ) .. وفي ظني واعتقادي ان الغرب المتقدم وصل الى ما وصل اليه من معارف وتكنولوجيا العصر التي طغت على مفردات يومنا ، كرها ورغبة ، لسبب وجيه ، هو ان العقل الاوربي والاميركي استطاع ان يضع قدميه على الطريق الصحيح ، فاستثمر الطاقات ووجهها لخدمة الانسان بقوة او الاضرار به بقوة ، واستغل كل الفرص المتاحة للوصول الى غاياته المختلفة الاتجاهات ، وكان العرب وتاريخهم وحضارتهم وطاقاتهم الجغرافية والبشرية وثرواتهم الطبيعية ادوات سخرت بيد هؤلاء المتقدمون الى امام بغض النظر عن رأي النخبة العربية في هذا …

وفي العراق الجديد ، بعد ان تخلص العراقيون من ثقل الطاغية والطغاة ومن عسف المحتل المباشر، وشاعت بيننا صور الحريات والديمقراطيات نجد انفسنا مكبلين باصفاد التخلف من جديد ، لعدم تمكننا من ولوج هذا العالم المتجدد واستقراء المستقبل واستشرافه برؤية واضحة المعالم .. فبالرغم من امتلاكنا اليوم زمام امورنا الا ان هناك اجندات خارجية موثرة على الساحة العراقية ، وبالرغم من تحرير ثرواتنا الطبيعية من سطوة ونهب تجار الحروب ، ولكن مازال ابن وطني يرزح تحت خط الفقر والعوز ، وبالرغم من قيام المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية الا ان الكثير من المتنفذين يعملون على تغييب الفصل بين السلطات وان لا يتم تطبيق ارادات تلك السلطات بحرية كافية ، وهناك في المجتمع صور عديدة لا تفرح من يشاهدها على ارض الواقع … فاذا ما تحريت الواقع المعيشي للاسر والافراد في مجتمعنا ، لخجلت امام اعلان العراق الدولة الثانية عالميا في خزينها النفطي .. ولو احصيت مستوى الدول المنتشر فيها الفساد المالي والاداري لوجدت العراق في المقدمة ، ولو تابعت ما يقال عن حقوق الانسان العالمي لرأيت وسمعت الشيء الكثير عن انتهاك حقوق الانسان في بلد ذاعت فيه البطالة وتفشت فيه الجرائم بمختلف صورها واشكالها الحديثة والقديمة ، حيث القتل بالمفخخات والاحزمة الناسفة والكواتم على ايد حاقدة اوغلت بالدم العراقي ، وحينما يتم القبض على اي من هؤلاء القتلة ، يخرج الينا الارهابي المجرم عبر التلفاز ليشكر السلطات التي وفرت له الغذاء من الدرجة الاولى والسرير الوثير والتبريد للماء والهواء وما يلبث بعضهم الا ويغادر سجنه بطريقة ما .. ومع ذلك تطل علينا منظمات حقوق الانسان مطالبة الحكومة بالعنلية بالارهابيين ومراجعة دورية من قبلهم لاحوال هؤلاء متناسية من وقع عليهم فعل القتل …  وفي التعيينات ، مهازل ، حيث لا وجود لرجل مناسب في المكان المناسب ، وان كان الاعلان الرسمي بان المتضررين لهم حصة التعيين ، لكن الواقع ان الحصص موزعة على جماعات السلطة من المرفهين ومن اعضاء الشعب الحزبية ويبقى ذوو الشهداء والسجناء منشغلين بتنظيم معاملات طلب التعيين التي لا جدوى منها ، فالتعيين يحتاج الى دولارات وانتماءات ومنسوبيات … ليبقى الحديث عن غياب الامن والامان ، وقد تناسى الجميع ان عائلة الشهيد والسجين السياسي قد انجبت ابطالا مجاهدين وان اي فرد من اسرتهم مشروع استشهاد واخلاص لا نظير له ، ولو انتبه المعنيون الى ذلك واخلصوا النية في توفير الامن لاعتمدوا على من تبقى من ذوي المضحين الذين نذروا انفسهم وحياتهم الغالية واقفين بوجه الطغاة والمارقين لا ان يضعوا المقود بيد من اضر بالشعب فكرا ومنهجا وعملا ، ونرى ايضا شرطة مرور اقزام خلافا للقياسات .  هذا غيض من فيض ، والجعبة تحوي الكثير من الروتين القاتل الذي يقضي الى طلب الرشا وطلب صحة الصدور واتعاب المعتمد . وشرطي المرور الذي يصدر عفوا عن المخالف مقابل كارت شحن الموبايل فئة (10) دولارات ومزاجية العسكري في التفتيش الدقيق للسيارات الخاصة وغض الطرف عن سيارات ورتل المسؤولين حتى وان كانت عجلاتهم المسرعة متخمة بالالغام واللواصق والكواتم .. فلينتبه من يهمه الامر لهذا ولغيره ما دام في الزمن بقية والانتخابات المقبلة على الابواب ..!!