التفسير العلمي لمساعدة الآخرين

 

تعرّض للضغط النفسي اثناء بَعْض المواقف الصعبة في حياتنا اليومية قد يؤدي الى نتائج متفاوتة على صحة الفرد و قد تَكُون تلك النتائج ذات تأثيرات سيئة على الشخص نفسه او ربما قد تَكُون مفيدة و جيدة لَه ، وهذه التأثيرات تعتمد على الاعتقاد والايمان بالفعل او ألعمل الذي يقوم به الشخص و نوع التفاعل الاجتماعي اثناء الحدث مع الآخرين.تتحدث الاستاذة (كيلي ماكغونيغال) وهي استاذة مختصة في الصحة النفسية عن اهمية معرفة نتائج الضغط النفسي فتقول :” اجريت دراسة على الف شخص راشد أمريكي تتراوح اعمارهم مابين اربعة وثلاثين سنة وثلاثة وتسعون سنة ، ربطت هذه الدراسة بين الضغط النفسي الذي تعرضوا له قبل سنة من الدراسة وبين الوقت الذي إنقضى في مساعدة الأصدقاء والجيران والناس في المجتمع ، وما وجده الباحثون ان مقابل كل تجربة موترة كبيرة يمر بها الاشخاص في الازمات المالية والصعوبات النفسية فأن خطر الوفاة يرتفع الى ثلاثين بالمئة ، ولكن ، ًولنتوقف قليلاً امام كلمة لكن ً، هذا لا ينطبق على جميع المشتركين في التجربة ، فالاشخاص الذيم قضوا وقتهم في الاهتمام بالآخرين اثناء الضغط النفسي لم يظهروا اي ارتفاع في نسبة خطر الوفاة بسبب الضغط النفسي لان الاهتمام بالآخرين اعطاهم مقاومة ضد تأثير الضغط على اجسامهم ، لذلك نلاحظ ان الآثار الضارة للضغط النفسي على الصحة ليست حتمية ، تعتمد على طريقة التفكير و التصرف مع الاخرين و لذلك فأن هناك قدرة على تغيير التجارب الموترة المضرة وتحويلها الى تجارب صحية وغير ضارة بالجسم بل وقد تكون نافعة ” وتقول الدكتورة ( كيلي) :” عندما تختارون اعتبار استجابتكم للضغط او التوتر النفسي امر صحي فانكم تنتجون بيلوجيا الشجاعة وهي مفيدة للجسم ،وعند اختياركم للتواصل مع الاخرين اثناء الضغط النفسي فحينئذ تنتج مقاومة للضغط الضار بالجسم ، وطبعا هذا لا يعني العيش في تجارب موترة طول الوقت ولكن فقط اثناء االحالات الاضطرارية في الحياة ” وتقول ً لقد اعطانا العلم تصور جديد لهذا الموضوع ، فالضغط النفسي يفتح لنا قلوبنا وخاصة االشرايين التي عادة تتضيق اثناء الضغط النفسي ، لذلك فان ذلك القلب الرحيم يجد فرحته و راحته اثناء التواصل و اثناء مساعدة الآخرين ، فانه القلب المادي الذي يدق و يعمل بجد ليمنح القوة والطاقة و عندما تختارون النظر بتلك الطريقة الى الضغط النفسي فانكم تصرحون بشئ عميق جداً، وهو الوثوق بانفسكم لمجابهة تحديات الحياة بصورة افضل ، اذاً حين تقدمون يد المساعدة لاشخاص في حالة ضغط نفسي اواثناء شدة او موقف صعب في الحياة فان استجابتكم للضغط تصبح صحية بل واكثر فائدة ونفع للجسم اثناء تلك الموقف وتتعافون بشكل سريع من الضغط النفسي ، ذلك بان آلية الجسم توجه الاستجابة الصحية للضغط للنفسي اثناء التواصل الاجتماعي مع الآخرين “.أشار القرآن الكريِّم الى التفاعل مع الاخرين وبطريقتين مختلفتين ، فتارة يشير الى الناس الذين يسارعون في الخيرات والتفاعل الايجابي ،وتارة أُخرى يشير الى الناس الذين يسارعون بالعدوان و الاعمال السيئة والتفاعل السلبي مع الاخرين . والتفاعل بنوعيه يحتاج الى المسارعة او الى الفعل (يسارع) و الاسراع في العمل هو انجازه بسرعة وهو دلالة على المساعدة السريعة للناس في الخير ،او قد يكون الاسراع بالعمل السئ ايضا يكون مضر للشخص والاخرين سواء ، وغالباً ما يذكر الفعل ( يسارعون ) مع كلمة( الخيرات) في حال التفاعل الحسن ، او يذكر (يسارعون )في (الاثم والعدوان) في حالة التفاعل السيء. كما ربط القرآن الكريم المسارعة في الخيرات بالقلوب الوجلة ، للدلالة على ربط العمل الحسن ومساعدة الآخرين بالاعتقاد والايمان بذلك العمل وليس لمجرد التظاهر بالعمل .

من الادلة على شفاء المرض حتى ولو كان صعب العلاج مثل عدم انحاب الاطفال ، هو ما ذكرت الآية (90) من سورة (الانبياء) حيث وهب الخالق عز وجل النبي يحىى عليه السلام الى النبي زكريا عليه السلام واصلح لزكريا زوجته ( لانهم يسارعون في الخيرات )و ارتباط الدعاء بالرغبة والرهبة اضافة الى الخشوع في القلب ، كما ان ذكر ( الخيرات) وليس (الخير ) هو يدل على( زيادة في المعنى بسبب الزيادة في المبني اللغوي ) للدلالة على ان الخيرات هو عمل مادي مرتبط بالقلب او الاعتقاد المعنوى بالعمل ، كما ذكرت الآية( 60) من سورة المؤمنون بقوله تعالى (قلوبهم وجلة ) ثم ذكرت الاية اللاحقة لها اي الآية (61) من نفس السورة الى صفة هولاء الذين ( يسارعون في الخيرات) للدلالة على ارتباط العمل بالقلب. وذكرت المسارعة في العدوان على الناس والاثم في الآية (62) من سورة ( المائدة ) وارتباط ذلك باختلاف الظاهر عن الباطن كما اشارت اليه الاية السابقة لها اي الآية (61) من سورة ( المائدة ) اي القول بالايمان ظاهريا و لكنهم كانوا يكتمون شئ اخر.

كما اشارت الاية (114) من سورة (آل عمران ) انه بالاضافة الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب ان يكون هناك عمل وهو الاسراع في الخيرات وهو ارتباط العمل بالاعتقاد بالقلب باهمية العمل الصالح ، لهذا ذكر كلمة ( الصالحين ) كصفة للعاملين بذلك العمل .

وهكذا نرى مدى اهمية ما نقوم به من عمل مادي مرتبط ارتباط وثيق ما نؤمن به لذلك العمل واهميته ، اي يجب ان يكون العمل كحركة مكانيكية مرتبط بالقلب كدافع معنوي بالاضافة لعمل القلب كآلة مهمة لمكانيكية عمل الجسم .