ما كان وما يجب أن يكون

 

 مرت خلال أيامنا هذه الذكرى الثامنة والستون لنكبة العرب الكبرى في فلسطين يوم الخامس عشر من أيار 1948  ولم تخطر على بال أحد من العرب والمسلمين مع أنهم يتشدقون بأنها قضيتهم المركزية  الأولى .لم لا وقد شغلوا بفتنهم الداخلية وإبادة مناوئيهم من ابناء بلدانهم.

حيث سلم المحتل البريطاني تلك الأرض العربية المسلمة  إلى اليهود الصهاينة لإنشاء كيانهم المسخ في تلك الأرض الطاهرة التي  تضم بين طياتها أولى القبلتين وثالث الحرمين إضافة إلى مراقد العديد من الأنبياء عليهم الصلاة و السلام , ولضمان نجاح خطتهم في قيام هذا الكيان  في قلب الوطن العربي قاموا بتنصيب أنظمة ملكية على الأقطار العربية التي قاموا بتقسيمها حسب ما يريدون بموجب اتفاقية سايكس بيكو اللعينة ومن المؤكد فان الملك الذي يوليه أسياده سيكون مطيعا لمن يوليه وأول أمر قام بتنفيذه هؤلاء الملوك هو أجلاء اليهود من أقطارهم العربية وتهجيرهم إلى فلسطين ليكونوا سكان هذا الكيان  اللعين وبهذا تشكلت اللبنة الأساسية لما سمي بدولة إسرائيل التي وعد بها بلفور وزير خارجية بريطانيا في الثاني من تشرين الثاني عام 1917.

ومنذ ذلك التاريخ المشؤوم اتخذ كل حكام العرب وبمختلف أنواع حكمهم وأزمنتهم هذه القضة للمتاجرة بمشاعر شعوبهم والضحك على هذه الشعوب وشحنهم ضد هذا الكيان بينما في الخفاء أيديهم بأيدي قادة هذا الكيان وحكامه إضافة إلى أسيادهم الذين نصبوهم على عروش البلدان العربية التي لا حول لها ولا قوة , ونتيجة لهذا الشحن للنفس العربية ضد الصهاينة الأنجاس  وعلى مدى عشرات السنين صار الأسياد يخشون من أن يتفجر الغضب العربي ضد هؤلاء الحكام وكشف أسرارهم فقد استغل المخططون الإستراتيجيون الصهاينة والغربيون التطور التكنولوجي الهائل في مجال الاتصالات ليقلبوا ويؤلبوا الشعب العربي في كل أقطاره ضد هؤلاء الحكام بتهمة الدكتاتورية والتسلط والتمسك الأبدي بكراسي السلطة وهي كلمة حق أريد بها باطل , فبدأت الرسائل تبث من عواصم أوربا وأمريكا  والكيان الصهيوني بأسماء عربية عبر الفيس بك  تحرض على الثورة ضد هؤلاء الحكام باسم ثورات الربيع العربي التي انساق وراءها أبناء الشعب العربي ليطيحوا بأولئك الجبابرة الظالمين حقا لكنهم لم ينتبهوا إلى ما دبر لهم بليل اسود مظلم حيث كانت الأحزاب معدة مسبقة وعلى أسس عرقية وطائفية ليكون في كل بلد مهما كان حجمه مئات الأحزاب العرقية والطائفية , حيث حيكت اللعبة بدهاء كبير غطى على عقول العرب التي تم تعطليها أصلا عبر الغزو الثقافي المبرمج من خلال آلاف الفضائيات ومواقع الانترنت بكل فروعه وأجهزة الهاتف النقال والتي جميعها تبث السموم الثقافية و الإباحية التي دمرت الخلق العربي وأبعدت الشباب المسلمين عن دينهم وثقافتهم بشكل لم يكن يتوقعه المخططون أنفسهم وكنتيجة طبيعية لكينونة تلك الأحزاب العرقية والطائفية , حدث ما كان يخطط له الأسياد الغربيون والصهاينة والشرقيون وغيرهم كل حسب مصالحه فحدث الصراع الطائفي والعرقي والحزبي وحتى العشائري في كل أقطار العرب وأبيد مئات الألوف منهم بكل عروقهم وأديانهم وطوائفهم منشغلين بالفتن والقتل والتدمير لبلدانهم لينعم الصهاينة والطامعون بثروات وأموال العرب من الشرق والغرب وليناموا رغدا , فلا احد يفكر في إزالة الكيان الصهيوني ولا في طرد  الشركات الأجنبية المستعمرة لثروات الأمة فصار هدف الحكام هو كيفية البقاء في كراسيهم و الحصول على النسبة الأكبر من فضلات تلك الشركات وحكوماتها .

ترى بعد كل ما تقدم هل من صحوة شعبية عربية كبرى لإفشال تلك المخططات الرهيبة التي تستهدف الوجود العربي عن بكرة أبيه لإنشاء إمبراطوريات ودول كبرى على حساب الأرض العربية كإسرائيل الكبرى وغيرها من الإمبراطوريات التي يسعى إليها المعسكران الشرقي والغربي رغم انتهاء المعسكر الشرقي ظاهريا إلا انه موجود على ارض الواقع ويعمل بكل جد على تحقيق مشاريعه وأهدافه .

  ولتحقيق هذه الصحوة  لابد أن نبدأ بتطهير النفس العربية من أدران الطائفية والعرقية  ولنترك الدين لله وحده وليعبد كل منا بالطريقة التي يقتنع بها وليدع الحكم لربه , ولنفكر بان الوطن لنا جميعا ويجب أن نتعايش فيه كما كنا على مدى مئات السنين لم نعرف بعضنا البعض إلا بوطنيتنا وانتمائنا لبلدنا ولتكن الانتماءات الأخرى هي تعزيز للانتماء الوطني للبلد الذي نعيش فيه  ولا نسمح لأي طامع أن يدخل بيننا مهما كان اتجاهه فوالله لا يوجد أي طرف خارجي يفكر في غير أطماعه وأهدافه ومصالحه التي قد تكون مشروعة أو غير مشروعة وأبدا لا نلوم ذلك الطامع فكل له مشروعه ويسعى لتحقيقه بغض النظر عن شرعيته ولكننا بإمكاننا إفشال مشاريعهم بان لا نكون أدوات طيعة لتحقيق تلك المشاريع ثم ليكون لنا مشروعنا كشعب وأمة على اقل حال هو كيفية الحفاظ على كياننا العربي الذي ساد العالم لقرون طويلة