العراقي والثقافة الصحية؟

تراجع مستوى المجتمع العراقي ثقافيا وبشكل خطير ومؤلم في العقدين الأخرين وتحديدا في سنوات ما بعد الأحتلال الأمريكي للعراق في 2003 حيث انهارت كل مؤسسات الدولة العراقية
وأنهارت معها الكثير من القيم الأجتماعية والأخلاقية والتربوية بسبب الفوضى السياسية وضعف الحكومات التي توالت على حكم العراق من بعد سقوط النظام السابق،
والأخطر في كل ذلك والذي مزق بنية المجتمع العراقي هو أستشراء الفساد في كل مفاصل الدولة والمجتمع وأستغلال الدين لمآرب أخرى غايتها الكسب المادي والثراء على حساب جوع وتشرد وموت الملايين!!!
وقد أنعكس ذلك وضرب بشدة على بقايا القيم الأجتماعية والأخلاقية والفكرية والثقافية للأنسان العراقي ، حتى أن ما جرى بالعراق منذ 2003 وما يجري لحد الان من قهر وظلم وموت وجوع وأنتصارواضح لجولات الباطل! وأنكفاء الحق في زوايا ضيقة وخفوت صوته الى درجة الصمت والخرس!
كل ذلك أدى الى أضعاف قيم الأيمان الألهية والربانية لدى الكثير من العراقيين وتصدعت فيهم كل صور التقديس حتى أصاب البعض منهم حالة الشك في كل صور الدين والتدين بعد ان وجدوا أن الدين أصبح لدى الكثير من العراقيين عادة وليست عبادة!!؟، حتى وصل الحال بالعراقيين من جور ما يلاقونه من ضيم ومن قهر الى يصرخوا بأعلى أصواتهم( أين الله من كل هذا)؟ أما من مجيب يسمعنا؟

.وبتنا نرى ظواهر وتصرفات غريبة في الشارع العراقي يقدم عليها الكثير من المواطنين وخاصة الشباب منهم، بدون أي واعز أجتماعي وتربوي وحتى أخلاقي
وفي الحقيقة ان كل شيء يقدم عليه الأنسان في حياته اليومية من سلوك ان كان في العراق او في أي بلد آخر من بلدان العالم يمكن أن نعزيه الى مستوى ثقافته ووعيه وادراكه وتربيته
فالبعض من العراقيين، ما زالوا مجبولين على الكثير من العادات المرفوضة صحيا واجتماعيا ، وهي أن دلت فتدل على انعدام الذوق واللياقة وحتى أنعدام الحياء!, مثل البصق على الأرض والعطس بوجوه الناس والمارة (والمخاط) على الأرض!!
بدون أستعمال المناديل الصحية وقليل من يستعمل تلك المناديل! وكذلك عادة التدخين في أي مكان وفي أي وقت دون أكتراث وأحترام الآخرين!.أما موضوع غسل اليدين قبل الطعام وبعده فلازال الكثير الكثير من العراقيين لا يرون فيها لزاما!!،
كما ان الكثير من العراقيين لا زال يمارس هوايته المفضلى والمحببة بالتبول نهارا في زوايا الشوارع وعلى الأسيجة وجدران المحلات والمدارس والدوائر وفي الأزقة الضيقة والتغوط ليلا في أي مكان وخلوة!!.
ولأن العراقيين معروفين بحبهم للأكل لذا نرى الكثيرين مازالوا يستذوقون ويفضلون اكل البسطيات والعربات الخارجية) على أكل البيت، على الرغم من افتقاد هذه البسطيات الى أبسط شروط النظافة!
والعجيب اكثر ان العراقيين يرون أكوام الذباب على هذه البسطيات والتي لا تكون بعيدة عن أكوام من الأزبال والأوساخ! ولكنهم يأكلون بكل راحة وتلذذ وخاصة اكلة الفلافل الشعبية وكأنهم يأكلون الكافيار!!.
وحتى في فترة السبعينات من القرن الماضي والتي نعتبرها فترة الزمن الجميل كانت مثل هذه العادات موجودة ولكنها زادت الان أكثر بسبب ما مر بالعراق من ثمانينات القرن الماضي ولحد الان من حروب وحصار وانتشار الفقر والأمراض وأستشراء الفساد الذي مزق العراق ومثلما قوض البنى التحتية والخدمية للوطن فأنه قوض البنية الأخلاقية والفكرية للأنسان العراقي والتي أدت بالتالي الى تدني مستوى وعي الفرد وثقافته وذوقه وأخلاقياته وسلوكه بشكل عام.
أن العراقي بطبيعته غير ميال ولا يحب موضوع الثقافة الصحية والألتزام حتى بشروط النظافة البسيطة ويسخرون من ذلك ويعدونه شيء من البطر!!, رغم معرفتهم بأن الأسلام جعل النظافة جزءا مهما من أيمان المسلم، وهم يرجعون موضوع الصحة والأهتمام بها الى الله عز وعلا ودائما ما نسمع عبارة (خليها على الله يمعود)!.
ولا أدري سبب أصرار العراقيين على ذلك رغم كثرة انتشار الأمراض المعروفة والأوبئة بسبب تدني أو أنعدام مستوى الخدمات الصحية المقدمة للعراقيين وكذلك ظهور أمراض جديدة لم يسمع بها العراقيين من قبل
بسبب الحروب وتلوث البيئة العراقية بآثارها الخطيرة لا سيما وأن امريكا أستعملت ضد العراق منذ حرب الكويت عام 1991 وحرب الأحتلال عام 2003 شتى انواع الأسلحة المشبعة باليورانيوم!!,
وحتى عندما أستنفر العالم كل جهوده العلمية والطبية والخدمية والأعلامية عند انتشار مرض أفلاونزة الطيور والخنازير والتي شغلت العالم ولا زالت، تعامل العراقيين مع الموضوع بعدم أكتراث وبلا أية درجة من الأهتمام
وظلت أسواقهم الشعبية وطريقة تربيتهم للطيور وذبحهم للمواشي في الطرقات والشوارع على بدائيتها و كما هي وكأنهم خارج الزمن وخارج هذا العالم !!!.
أما موضوع الفحص الدوري عن طريق أجهزة (السونار والمفراس) للتأكد من سلامته من الأمراض المستعصية وخاصة الأمراض الخطيرة مثل مرض السرطان المنتشر بين العراقيين بشكل خطير جدا
حيث تؤكد التقارير العلمية أن الكشف المبكر عن هذه الأمراض يزيد من نسبة شفائها ولا يكون ذلك ألا عن طريق الفحوصات الدورية المستمرة والمنتظمة, وهذه تعد قمة الثقافة الصحية التي نفتقد لها جميعا بما فيها المثقفون ونعتبرها شيء من البطر والترف؟!!!.
وفي الحقيقة أن عامل الخوف يلعب دوره الكبير في عدم أقدامنا على مثل هذه الخطوة الصحية المهمة من أحتمال المفاجأة غير السارة التي قد يظهرها الفحص؟. أخيرا نقول هكذا نحن العراقيين وهكذا نعيش وهكذا نفهم الحياة ولله في خلقه شؤون. وليحفظ الله العراق وأهله من كل سوء وبلاء.