14 عاماً من المراوغة والفشل

 

ليس من الانصاف ، أن تبقى القوى والكيانات السياسية تمارس ابشع صور الانتهازية السياسية ، وهي تدرك بما لايدع مجالا للشك بان العراق يمشي صوب الضعف والهلاك والتفكك ، وبالتأكيد مثل هذه القوى مهما لبست من لبوس التخفي والخداع فانها لم تنجح لادارة بلد مثل العراق .

فعلى مدى 14عاما لم نسجل تطورا ملحوضا يشكل قاعدة يمكن البناء عليها ، فالوجوه الحاكمة  هي ذاتها ، وتراجع الاقتصاد متلازم مع هشاشة البنى التحتية ، واختراق قواعد النظام والقانون صارت شريكة الضعف المجتمعي والاخلاقي ، وتكدس طوابير العاطلين عن العمل اصبحت ملهاة لاصحاب المقاهي ، فيما الامية بلغت مديات عالية  تمثل نسبة 31 بالمئة من المجموع الكلي للسكان والفقر في المحافظات الوسطى والجنوبية بالاضافة إلى تكريت وصل الى 35%من مجموع السكان ، ودون خط الفقر في الديوانية وبابل والناصرية يشكل حالة يرثى لها لمئات العوائل حسب تقديرات المنظمات الانسانية الدولية ، فيما بلغت اعداد المتسولين في الشوارع والساحات العامة ارقاما قياسية ، وصارت ازقة الاحياء والشوارع الفرعية تكتظ بالنفايات والحفر ، وصار شارع قناة الجيش المهم مصيدة للسيارات لكثرة التكسرات والحفر ، أما الخط السريع لمحمد القاسم ، فتجد الكثير من الشقوق والاسيجة المحطمة مركونة على حافات الشارع وموضوع مكانها طابوق او كتل من الرمل ، والطامة الكبرى يمر في هذين الشارعين المسؤولين في امانة بغداد والمحافظة دون أن تثيرهم هذه التخسفات والتخريبات في تلك الشوارع ، فيما بلغت الانتهاكات للمؤسسات الصحية والمستشفيات حداً كبيراً ، ففراشات الاسرة يرثى لها ، وبعض الادويه المهمة تباع بالسوق السوداء ، والصيدليات المنتشرة في بغداد يديرها عمال لهم شيئا من الفطنة او طلاب ومعظم الادوية مكتوب عليها صنعت في المانيا أو لندن دون ان تكون مصنوعة بالفعل ، هذا الوضع المتردي للحالة الصحية لم تراقب أو يجري متابعتها ومحاسبة المتلاعبين في صحة الناس ، وهو بالضرورة انعكاس لتردي الوضع السياسي والطريقة الفاشلة في ادارة الدولة ومؤسساتها ، وهو تعبير منطقي لخلفيات توزيع مؤسسات السلطة على الطوائف والاحزاب والكتل الفاشلة .

إن الحديث عن ماساة شوارع واحياء العاصمة يطول ، وإذا كان بالامكان انصافها ، يمكن القول عنها من إنها عاصمة قريبة من الترييف من ان تكون قريبة الى المدنية ، ومن الملفت للنظر ، إن المدنية في بلاد مابين النهرين باتت تتراجع ، فيما انتعشت مكانها سلوكيات التزلف والانتهازية والابتزاز والانفلات الامني والسلوكي والاخلاقيات المجتمعية التي كان الانسان العراقي يتمختر بها بين شعوب المنطقة .

لم تعد عمليات الاستيلاء والنهب للمال العام ، وعمليات التحايل في مؤسسات الدولة ، ولا تعطيل مئات المصانع والضعف في اداء الدوائر الحكومية تثير اهتمام الجهات المسؤولة في هذا البلد ، إذن هذا الوضع ماذا يكشف لنا ، انه بالتأكيد يكشف فشل التجربة السياسية المبنية على المحاصصة والولاءات الشخصانية والعائلية والحزبية ، كما يكشف لنا إن التركيبة السياسية القائمة والمتمسكة بعمليتها السياسية الحصصية ، هو المقدمة الحقيقية لتفكيك البلاد والذهاب بها الى التوزيع الجغراقي ، وهذا بالطبع هو المشروع المركزي لقوى التحالف الامريكي .

إن اي قوى سياسية محترمة تريد الخير لبلدها ، تقف امام كل مفصلة من مفاصل عملها لتقييمها خلال مسيرة عملها ، وإذا وجدت إن  الاخفاقات تجاوزت الحدود المسموح بها ، تجري عملية التغيير لتصحيح الوضع ، وبما إن العملية السياسية فاشلة بامتياز فلابد من البحث عن حلول منطقية موضوعية لها ، إن فكرة انزال هذا الوزير والاتيان بوزير اخر من نفس الكتلة ، هو عملية ايهامية  (قشمرية ) لاقيمة لها ، إن الخلل في مكونات وطريقة عمل السلطة ، فلابد من تحويلها من سلطة الفاشلين النهابين الحرامية  إلى سلطة وطنية بناءة تحب العراق واهله .