ملاحظات مهمة بشأن معركة الفلوجة

 

 معركة تحرير الفلوجة التي انتظرها العراقيون جميعاً وأبناء الانبار والفلوجة بشكل خاص والتي طال انتظارها لأسباب مختلفة لا نريد الخوض فيها ومع هذا التأخير والانتظار كنا نجزم أن الاستعدادات والاستحضارات لهذه المعركة ستكون مثالية ومتكاملة بدون أدنى شك كما أن الخطط ستكون محكمة ودقيقة ومرنة وسهلة التنفيذ لان الفلوجة أخطر هدف سوقي بعد العاصمة بغداد لأسباب عديدة كونها الأقرب الى بغداد العاصمة والهدف السوقي الخطير حيث تبعد نحو60  كيلو مترا عنها وهي عقدة مواصلات مهمة تربط العراق بالأردن وسوريا حيث التواصل والتعاون والتنسيق بين داعش في العراق وسوريا كم أنها أهم معقل لداعش في العراق مضى على وجوده فيها أكثر من سنتين وفيها العديد من مقراته وقياداته وأسلحته وتحصيناته , ومع بدء المعركة كانت أولى الملاحظات البطء غير المبرر لتقدم القطعات وعدم استثمار النجاحات وإدامة الزخم بقوة ومثل هذه الأمور تسمح للعدو بالتقاط أنفاسه وتعزيز دفاعاته والمناورة بقواته وأسلحته والعذر الذي يتحجج به القادة الميدانيون  والذي بات معروفاً هو العبوات والقناصين الذين يزرعهم العدو على طرق تقدم القطعات وهذا العذر يجب أن لا يكون سبباً لبطء العمليات ولا يمنع قوات بهذا الحجم والاستعداد والتسليح والتجهيز الجيد من التقدم بسرعة فقطعاتنا أصبحت لديها الخبرة في التغلب على هكذا معوقات كما إن لديها أكثر من وسيلة للتغلب على هذه الأساليب كاستخدام فالقات الألغام والجرافات المدرعة لفتح الطرق أمام القطعات الهاجمة واستخدام القناصين الجيدين وضباط الرصد من الطائرات السمتية والهاونات الخفيفة والمتوسطة لمعالجة القناصين ,ومن الملاحظات المهمة في هذه المعركة إننا نسمع تصريح لأحد المسؤولين الأمنيين يقول فيه أن قواتنا باتت على بعد مئات الأمتار لتطويق الفلوجة بشكل كامل ومن  جميع الجهات ونقول لهذا المسؤول إن عمليات التطويق عفا عليها الزمن وأنها قد تفيد لتطويق منطقة صغيرة أو وحدة عسكرية لكنها لا تنجح في مدينة كبيرة كالفلوجة لأنها تحتاج الى قطعات كبيرة جداُ والى أسلحة ومعدات وإمكانيات إدارية وفنية كبيرة فعملية التطويق تبذير في القوات وفي الجهد والوقت ولا يمكنها إحكام القبضة على مدينة مثل الفلوجة لتنوع طوبوغرافيتها بين مناطق بساتين كثيفة وأنهار وجداول عديدة وطرق رئيسية وثانوية كبيرة وتلال ومناطق صحراوية يصعب مراقبتها وإحكام السيطرة عليها بالتطويق,وملاحظة أخرى مهمة وهي تعدد محاور الهجوم حيث أكد أكثر من قائد ميداني أن هناك أكثر من أربعة محاور وتم زيادة هذه المحاور الى ثمانية وهذا كلام بعيد عن السياقات العسكرية والمفاهيم التعبوية والسوقية لان المحور هو اتجاه عام للهجوم يتجاوز عرضه عدة كيلومترات ويضم العديد من الطرق الرئيسية والفرعية فالمفهوم الخاطئ لدى أغلب القادة والآمرين هو اعتبار الطريق محور للهجوم فالطريق ليس محورا لكنه قد يكون جزءا من محور, وفي كل المعارك في التاريخ خصوصاً في معارك المدن يتم انتخاب محور رئيسي ومحور أومحورين ثانوية للهجوم وفي المحور الرئيسي يتم تحشيد القطعات التي تتمكن تحقيق فعل الصدمة وخرق دفاعات العدو كما يتم تعزيز هذه المحور بقطعات أخرى لإدامة زخم الهجوم وعلى هذا المحور كما يتم تحشيد الإسناد الناري الأرضي والجوي اللازم لنجاح الهجوم وتأمين الإسناد الإداري الكفء في هذا المحور وينطبق هذا الحال على المحاور الثانوية لكن بنسب أقل لكنها تضمن لها النجاح في العمل وقد ينجح أحد المحاور الثانوية قبل المحور الرئيسي وهنا تبرز مرونة الخطط فيتم استثمار نجاح المحور الثانوي وجعله هو الرئيسي مع استمرار العمل بالمحاور الأخرى لإرباك العدو وتشتيت جهده وقواته ,وملاحظة أخرى ينبغي الانتباه لها وهي تصريحات القادة العسكريين والأمنيين لوسائل الإعلام و التي تكشف نواياهم وخططهم وأماكن قواتهم وتقدم معلومات مجانية للعدو,فعندما يصرح أحد القادة إنهم على بعد كذا متر عن الجسر الياباني أو القرية أو المنطقة الفلانية فانه يحدد مكان قواته أو عندما يقول آخر أنهم سيتقدمون على القرية كذا أو الهدف الفلاني صباح غد من الاتجاه كذا بقوات من الفرقة كذا و سيسلك الطرق السريع أو القديم فانه يكشف خططه ونواياه للعدو ثم إن التصريح لوسائل الإعلام يجب أن يحدد بأشخاص مخولين لا أن يكون مسموحاً به لجمع المقاتلين ضباطاً ومراتباً  وعلى هؤلاء المخولين عدم التطرق للخطط والأعمال المستقبلية لقواتنا بل عليهم إعطاء معلومات عامة مثلا يقول إن العملية تنفذ وفق ما مخطط لها وان القطعات تحقق انتصارات كبيرة في جميع المناطق وان العمليات المقبلة ستشهد استخدام قوات جديدة وأسلحة حديثة يتم إشراكها لأول مرة وستوقع خسائر كبيرة في صفوف العدو ولدينا من القوات ومستلزمات القتال ما يعجز العدو عن مقاومته فمثل هذه التصريحات لا تعطي معلومات مهمة للعدو إضافةً الى أنها ستضعف معنوياته و تربك استحضاراته وتجعله يتخبط في أعماله , وملاحظة أخيرة مهمة وهي إن العديد من قوات الحشد الشعبي والعشائري ترفع أعلام تابعة لأحزاب وجهات سياسية خلال المعركة وهذا يعطي انطباعا على إن المعركة لم تكن بقيادة القوات المسلحة العراقية كما تسمح للمتصيدين بالماء العكر من وصف المعركة بأنها  ذات صبغة طائفية أو ميليشياوية لذا على جمع المشاركين في معركة تحرير الفلوجة رفع العلم العراقي فقط فهو علم العراق الواحد الموحد  ورمز سيادة الوطن وعنوان كرامة وعزة كل العراقيين على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم وانتماءاتهم ورمز مقدس لكل قواتنا المسلحة  والقطعات العاملة بإمرتها.