في سبعينيات القرن الماضي غنت المطربة اللبنانية والمعتزلة اليوم ( طروب ) أغنيتها الشهيرة ذات اللحن التركي المسماة ( برم بم بو ..برم بو ) ... واعتقد ان العراقيين احبوا هذه الاغنية لطرافتها وسهولة ايقاعها وبسبب الميني الجوب الذي ترتديه المطربة عند تصويرها الاغنية تلفازيا بالاسود والابيض. وقتها لم يكن لتأثير الايقاع التركي تأثيرا على ذائقتنا الثقافية والسياسية حتى عندما غزا اذواق البعض صوت ابراهيم طاطليس وافلام الاغراء التركية للممثلة بعيون خضر اسمها ( هوليا افشر ). ومع هذا لم تستطع تركيا ان تضع لها موطيء قدم في حياتنا ، ولم يكن يمقدورها العودة بجبروت السلطان سليمان القانوني ومحمد الفاتح والابتسامة الخجولة لمدحت باشا وهم يتقدم الى احدى العوائل الشركسية لخطبة فتاة شركسية اسمها ( شهربان خانم ) وكانت تعمل في هذا البيت . ربما لأن تركيا في ايام البرم بمبو كانت مبتلاة بأنقلابات فلم تلفت الى جيرانها الازليين سوريا والعراق ، ولكن بعد الثورة الايرانية وتنامي الشعور الديني في شعوب المنطقة نهض المارد التركي من سباته وصار يفتش في المعاهدات والاوراق القديمة .فكانت الموصل وكركوكوك اريكته في العراق ، والمتبقين من اقارب ماردين والاسكندرونه المسلوبة من الجسد العربي اريكته في سوريا . لكن الدور التركي اتسع واعلن مشروعه وطموحه بعد انهيار النظام العراقي في عام 2003. ومبرره انه لاينبغي لايران تفريس مريدها من شيعة العراق دون ان نتركم أهل كركوك وتل العفر على اساس ان السلطان لايترك ابناء قوميته أينما كانوا. مع اردوغان وضح الطموح التركي . وابتدأت السياسة تتأرجح وفق مصالح الأغا التركي ، والشيخ الايراني ، وماسك العصا بين الطرفين هو العقل الامريكي . ويبدو ان سير الاحداث وغرائبية الطبقة السياسة العراقية وقدرتها على التفنن في المراوغة على حساب مصالحها وكتلها ( خربط ) الخرائط على الاعبيين الكبار ، فلقد اوجدت ثقافة واخلاق ما بعد 2003.دهاء عجيبا لبعض الساسة الذين ربما كانت خلفيات بعضهم بيع الملابس والشامبو او من مستفيدي الرعاية الاجتماعية الاوربية ، ولكنهم اليوم اباطرة مال ، وبعضهم نال من الفرص انه اخذ من بعض بلدان الخليج 200 مليون دولار دعما لقضية لايؤمن بها اصلا وليذهب الشعب ومهجريه وشهداءه الى قير وبئس المصير. تركيا وايران ودول الخليج قاطبة وحتى امريكا واسرائيل انخدعت بمواقف كثيرة من هذا النوع ، وما الفضائيات الموجودة اليوم بعدد مقاهي الارجيلة في العراق ليست سوى نتاج هذا المال وليثبتوا من خلالها وبراتب 500 دولار الذي يعطوه لمذيعات جميلات لايعرفن الضم من الجر من النصب ، سوى اثبات وارضاء للداعم الخارجي انهم موجودون لأجل جعل الحال كما هو عليه والى الابد. أظن وسط هذه الفوضى ، حياتنا كلها برم بمبو × برم مبو ..أو بالأصح شليله وضائع رأس الخيط فيها ، وان الترك والفرس والاعراب واليهود وابناء العم سام والبلاشفة القدامى عليهم صياغة نشيد موحد ( يتبربرون ) به طربا تخليدا لطيبة الذكر ( طروب ) وانهم وجدوا في بلاد ميتوبوزاميا بعضا من ساسته ( على ) المرام ......!
|