الثابت والمتغير.. العلاقات الأمريكية – السعودية |
منعطفات كثيرة كانت حاضرة بقوة في العلاقات الأمريكية – الخليجية بصورة عامةوالأمريكية السعودية بشكل خاص،ولعل فترة ولاية الرئيس أوباما كانت الأكثر توترا فيهذه العلاقات وهنالك الكثير من التقاطعات بين المواقف ألأمريكية وما تريده دول الخليجالعربي التي تشكل العربية السعودية الثقل الأكبر فيها. ما الذي تغير؟ هل السياسة الأمريكية هي التي تغيرت أم هنالك رؤى خليجية جديدة؟المنظومة الخليجية بصورة عامة كانت مع السياسية الأمريكية منذ أكثر من 80 عامالكنها في قضية العراق أختلفت معها وتقاطعت بشكل كبير جدا عبر النظر لما يجري فيالعراق على إنه نموذج قد ينتشر في المنطقة رغم إنه نموذج سيء لم تتوفر له مقوماتالنجاح والتحول الإيجابي وهذا الفشل ذاته هو فشل للمشروع الأمريكي الذي حاول أنيجعل من التجربة العراقية إنموذجا يحتذى به في الشرق الأوسط الذي لم يعتد الديمقراطيةوسيلة للوصول للسلطة ويحتاج لبناء ثقافي تراكمي كي يفرز مخرجات إيجابية. مضافا لذلك إن السياسة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي شكلت هذهالأحداث منعطفاً مهما في سياسة أمريكا الخارجية وحتى في تحالفاتها في منطقة الشرقالأوسط وأبرزها بالتأكيد غزوها للعراق وتأسيس نظام ديمقراطي في بلد مجاور لدولالخليج العربية التي ظلت أغلبها معارضة بشدة لهذا النظام السياسي الجديد ولم تكنالمعارضة خليجية فقط بل كانت سورية أيضا حتى جاءت أحداث سوريا والموقف العراقيمما يجري فيها .لتتغير الكثير من الثوابت بموجب المصالح الجديدة أو التحالفات الجديدةوالتي أفرزت في منطقة الشرق الأوسط محاور متصارعة ( العراق – ايران – سوريا) و(السعودية – تركيا – قطر) ، الطرف ألأمريكي هنا كان ممسكا بالعصا منالمنتصف،وشكلت القضية السورية نقطة الإنعطاف الكبرى في العلاقات بين واشنطنوعواصم الخليج العربي التي ظلت تنتظر موقف أمريكي عبر قرار عسكري يتيح إزاحةنظام بشار ألأسد من الحكم والتأسيس لنظام جديد ،ومع غياب الحل العسكري كانت هنالكجنيف 1 و 2 مما يعني إن واشنطن أغلقت أبواب الحل العسكري وهي تدرك جيدا إنها لاتريد إعادة سيناريو العراق 2003 أو سيناريو إسقاط القذافي عسكريا فيما بعد. وسبقت أحداث سوريا تقاطعات بين واشنطن والرياض بشأن الثورة المصرية التي أطاحتبنظام حسني مبارك،حيث كان الموقف ألأمريكي سلبياً جدا بعكس الموقف السعودي الذيكان ينتظر موقفاً أمريكياً يدعم الرئيس السابق حسني مبارك ويعيد مصر كما هي ،لكنالموقف الأمريكي كان محايدا لدرجة لم تكن مقبولة من قبل الآخرين. رؤية امريكية وفي جميع هذه المواقف كانت هنالك رؤية أمريكية مختلفة جدا عن وجهة النظر السعوديةبشكل خاص ودول الخليج بشكل عام التي وجدت في عهد أوباما حالة لم تكن موجودة منقبل في السياسة الخارجية ألأمريكية خاصة في تعاملاتها مع دول الخليج العربي التي علىما يبدو إن انخفاض اسعار النفط أفقدها بعض الخصوصية التي كانت تتمتع بها فيالماضي القريب جدا. إذن مشاهد كثيرة كانت حاضرة في السنوات القليلة الماضية ألقت بظلالها على طبيعةالعلاقات ألأمريكية – الخليجية بشكل عام ومع الرياض بشكل خاص ، لدرجة باتت دولالخليج لا تثق بواشنطن على إنها ستدعمها أمام التحديات التي قد تواجهها رغم الوعودالأمريكية الكثيرة بهذا الشأن ، وتجد الكثير من عواصم الخليج إن أمريكا مستعدة للتضحيةبحلفائها القدماء مقابل حلفاء جدد في المنطقة ولاسيما ان واشنطن في عهد أوباما عقدتإتفاقا تأريخيا مع طهران حول برنامجها النووي . لهذا لم يكن عهد الرئيس الأمريكيأوباما بعصر العسل مع الخليجي بل كانت هنالك مرارة كبيرة وصلت إلى درجة وجودفجوة وحالة( زعل)،وهذه الفجوة ازدادت تصريحا بعد آخر سواء من قبل أوباما الذيصرح مرتين في أقل من عام ،ألأول عندما طالب دول الخليج بإجراء إصلاحات ترضيشعوبها،والتصريح الثاني عندما إتهم العربية السعودية بأنها تدعم الإرهاب وتحرض علىالطائفية في المنطقة،والتصريح الأخير كان رد فعل السعودية قويا إزائه.وفي المقابلتسريب ملفات أحداث 11 أيلول 2001 وما يمكن أن تثيره من جدل كبير ليس فيأمريكا فقط بل في العالم خاصة وإن هنالك دوراً سعودياً سواء شخصياً أم عاماً في هذاالملف الذي وعد أوباما برفضه وتعطيله داخل الكونغرس الأمريكي ،لكن هذا الوعد لايكفي أو يقنع الرياض بقدر ما إن مجرد تحريكه يشكل قلقا بالغا ليس الآن بل في المستقبلالقريب جدا ،خاصة وإنه ملف يمس السيادة ألأمريكية في الصميم من جهة، ومن جهةثانية إنه يشغل الرأي العام الأمريكي منذ ذلك التاريخ وليومنا هذا. ومن هنا نجد إن زيارة الرئيس ألأمريكي في أشهر ولايته ألأخيرة للسعودية وعقد قمةخليجية – أمريكية في الرياض ما هي إلا محاولة إرسال رسائل اطمئنان لهذه الدول منجهة ،ومن جهة ثانية محاولة رأب الصدع في العلاقات بين واشنطن ودول الخليج العربية. |