قسمة بالعدل

 

من أغرب ما قرأته –  ولا غرابة اليوم  – تعليق في أحد المواقع  الالكترونية ، ذيل كاتبه تعليقه بلقبه ( المكوني ) إستفزني كثيرا وتمنيت لم تقع عيني عليه  .. يريد ( محاصصة ) توزع الغنائم ، أو ( الكعكة ) حسب تعبيره بالحق  بين الاحزاب ، التي أعطت الحق لنفسها أن تكون هي  ممثلة للمكونات ، وناطقة باسمها ، وكأنه  لا يوجد خارج  الاحزاب  من يمثلها عداها  !..

 

وتبريره لدعوته ( الحقة !) .. أنه  بما أن  المحاصصة أصبحت أمرا واقعا لا يمكن الفكاك منه ، فلماذا لا تكون بالعدل والانصاف ، ونخلص البلاد والعباد شر الخلاف والاحتراب ..؟!..  متناسيا أن الشعب – عدا من هو على شاكلته ممن تأثر بالطروحات المحاصصية –  يرفض هذا المبدأ الغريب الذي  جاء به الاحتلال .. وحتى الاحزاب نفسها لا تجرؤ أن تدافع عنه في العلن – كما فعل هو –  وإن كان هناك من يتمسك  ويصر عليه في توزيع المناصب  والامتيازات ..

 

 والأغرب …

 

أنه يريد تقسيم  العراق الان ( وليس غدا ) على يد  السياسيين أنفسهم ما داموا  أحياء ، وإرتضوا بالمحاصصة ، ووزعوا المناصب العليا والدنيا  بينهم على أساسها تحت ذريعة المكونات ، لكي لا يورثوا ، أو يحملوا الاجيال القادمة عبء التقسيم على حد تعبيره ..

 

فيا أيها ( الأخ ) ( الذي يشعر بالمظلومية  المحاصصية !) لقد ظلمت بهذه الدعوة  الوطن كله .. وبدلا من أن تطالب ( بالمحاصصة الحقة )  و( تقسيم العراق بشكل عادل بين المكونات ) إرفع صوتك بالدعوة  الى تعزيز  مبدأ ( المواطنة  )  والتمسك بالوحدة الوطنية بدل المحاصصة ، وهذا ما يطالب به الشعب اليوم …لانك إن لم تفعل ذلك تكون قد جعلت ( أنت نفسك ) المحاصصة حقيقة واقعية على الارض ،  وستترك للاجيال المقبلة مشاكل لا حصر لها ..

 

فلا يجوز أن يغيب الوطن والمواطن عن كل المطالبات – حتى وإن كانت  مشروعة  في نظر من يطلقها – وتنحصر في الروافد الضيقة تحت ذريعة الدفاع عن حق مكون أو شريحة أو مهنة الخ … فلا يجوز أن يقول قائل مثلا أن المساس بهذا المكون أو المنطقة او الشريحة أو المهنة .. الخ خط أحمر، وحذار من  التقرب منه  ، وكأنها  تختلف عن غيرها ، أو يجوز المساس بغيرها ، بل يجب علينا جميعا  القول أن كل  عراقي خط أحمر دونه خرط القتاد  ..وقس على هذا المثال ما يشابهه في الدعوات ، لان القانون يحمي كرامة كل عراقي ، ويحاسب من يتجاوز عليها …والعراقيون جميعا متساوون في الحقوق والواجبات.. وهو مبدأ اساس غير قابل للقسمة أو الاستثناء …

 

لقد استلطفت ( الكيانات  السياسية ) السلطة ، وتحولت الى ( كيانات حكومية ) ، غابت السياسة عنها … هكذا يرى مواطن أخر في تعليق عن حال الاحزاب اليوم ، وتحولت الى سلطات ، تحت مسميات ضيقة ، وكأن ( عصر الطوائف يعود من جديد )..

 

وتجربة السنوات الماضية أثبتت فشل المحاصصة وأن استمراها سيزيد من الفتن والاضطرابات والخلافات ، وتكون بابا واسعا للتقسيم في الشعور ، وإن لم يكن على الارض حقيقة …فلماذا التمسك بها ..؟!..

 

{{{{{

 

كلام مفيد :

 

 ويل لأمة كل قبيلة فيها أمة …. جبران خليل جبران