فيضانات كاذبة

 

قامت الدنيا ولم تقعد. سد الموصل ينهار، حوطوا دوركم بأكياس الرمل واصعدوا انتم واطفالكم الى الطوابق العليا من دوركم، اذا كانت لديكم طوابق عليا، وخزنوا ما تستطيعون من الرز والزيت ومعجون الطماطمة والخبز اليابس، فان الطوفان قادم لا محالة!

 

اشتعلت النار في وسائل الاتصال الاجتماعي وقنوات الفضاء وكلها تستضيف هذا وذاك لكي يدلوا بدلائهم في الامر، وكأن الماء سوف يأتي راكضاً الينا بسرعة لن نستطيع ايقافها بأي من الاشكال، وليس امامنا الا ان نطفو كما يطفو الخشب على صفحات المياه!

 

اتقوا الله بنا، فان عندنا ما يكفي من الازمات والقهر والفاقة والحرمان والدواعش والوضع الاقتصادي المتردي واستقطاعات الرواتب خاصة من ذوي الحدود الدنيا منها من المتقاعدين، حيث توقفت عجلة الاعمار اذا كانت لدينا عجلة، واصبح الامر ملتبساً على الكثيرين، فأمواج تسونامي قادمة الينا من سد الموصل بعد انهياره، والامر لا يعدو عن كونه تهويلاً وتضخيماً مستذكرين قول المعري! والارض للطوفان محتاجة

 

لعلها من درن تغسل

 

هل نحن بحاجة الى طوفان حقاً؟، والاخطر من طوفان الماء طوفان من نوع اخر، يقلع النبت من جذوره ويقلب اعاليها اسافلها ويحرق الاخضر واليابس، لا سمح الله، لان البلد ليس بحاجة الى انواع كهذا من الطوفان، بل نحن بحاجة الى معالجات لكي لا تنهار السدود، اي نوع من السدود، والى تكاتف الايدي النظيفة التي تعمل على توجيه مياه السدود الى مجاريها الصحيحة لكي تصب في مصلحة الوطن والمواطن اللذين مهما حقوق تكلفلها الشرائع والدساتير والاعراف. الماء سر الحياة. ولو لاه لما  نبتت شجرة ولا نما زرع، وبه تتكفل الطبيعة بكل اسرارها وجمالها، ومن دونه لا تكون الحياة الا صخوراً يابسة تتقاذفها العواطف والاتربة. ولان كل شيء بقدر، فنحن لا نريد فيضاناً يأكل الزرع والضرع ولا نريده طوفاناًيقتل الاخضر واليابس، وليذهب الواهمون الذين اقرعونا بخطاب انهيار السد الى الجحيم.

 

ويوماً ما، وهو يوم قريب بانه تعالى، سوف ان هناك اسباباً كثيرة وراء هذه التهويمات، فكل سدود العالم تحتاج الى صيانة دورية بين فترة واخرى، من تأكل في اساساتها او من تصدع في هذه الناحية او تلك، وكل ما في الامر ان هناك جهات مسؤولة تستطيع ان تعالج الامر عبر طاقم مهند سيها وفنييها ولا يحتاج الامر الى كل هذه الضجة المفتعلة.

 

وقانا الله واياكم اخطار الفيضانات وما يتبعها.