الإحتلال الأمريكي للعراق .. الحيثيات والتداعيات

 

 بعد سقوط الدولة العباسية على أيدي الغزاة المغول في عام 1258م اشتدت الخطوب وضاقت الدنيا بالعراقيين ذرعاً لكن أثبتوا للعالم أنهم أهلا لها عندما أجهزوا على إزاحة فترة مظلمة جثمت على صدورهم لألف عام تقريبا اما التأريخ الذي درس اخبار هذه الحقبة كان دقيقا في وصف فصول هذه المؤامرة التي وقفت عقبة في طريق تقدّم وتوحّد العراقيين وعاملا مغيِّبا لكل عمل خير من شأنه يرفع من سمعة البلاد ويضمن حقوق العراق وتطلعاته وبحسب التأريخ الراصد لتداعيات سقوط بغداد العراقيون في وقتها شهدوا حالات تشرذم وتمزق وقتل وتصفيات جسدية وضعف وتخلّف وانهيار شامل وان هذا النوع من الثقافات كلّه خلاصة لغزو أجنبي اجتاح مدن العراق وعلى رأسها عاصمته الحبيبة الجميلة بغداد – السلام عاصمة الرشيد  والمعهود عن العراقيين عبر مراحل التأريخ كلّها بدون استثناء لم يحتملوا الظلم بل تعاهدوا على طرده بلوغا الى وإد تراكمات تلك المرحلة المريرة ثم التسوية لبزوغ فجر جديد او لإشراف مرحلة جديدة مباركة توحِّدهم لينهوا عصور الظلام ويضعوا حدا لمأساتها التي اختزلت من العراق عراقا بهذه الصورة المعتمة يشكو من الظلم وتدمير الحضارة وطمس الهوية وسياسة التصفية والإبادة الجماعية والإعتداء السافر على الحرمات وعلى ابقائه خاويا أي بلا قوة عسكرية ضاربة ولا إقتصاد متوازن متين حتى يكون لقمة سائغة لكل من هبّ ودبّ .

ان هذه المواضعات والمراهنات على التقام العراق على مدى التأريخ اثبتت عدم دقة حسابات العدو الذي تورط في أن يجترع بلداً الاّ انه في النتيجة لا يكاد يسيغه  ونستنتج من هذا المفصل من القول انّ ارض السواد منذ القدم كانت حاضنة للمقاومات الباسلة  وعلى هذه الركيزة فجميع الأنشطة المُدارة ضد هذا البلد الطيب المجاهد تحطمت فوق تربته الطاهرة على خلفية الضربات الوبيلة لأبطال المقاومة العراقية التي أذاقت أعداء الدين والإنسانية وبال امر الله على ايديها  ومن الوجهة العسكرية يعد هذا التصعيد القتالي على الطرف الآخر (الغزاة) والذي تبنّته المقاومة في ذلك الحين نصرا مؤزرا لمس الشعب قيمته الوطنية منذ أول يوم استعادت فيه بغداد عافيتها والذي أيضا تحقق عبره نهوضا شاملا لمدن العراق من شماله الى جنوبه وبالحالة التي تقترب والقرارات السياسية الإقتصادية الحكيمة أيام زمان المتحمِّسة الى بناء اقتصاد وطني متين وتنمية اقتصادية ممولة ظفرت بالخير في عملية تحويل الإقتصاد الوطني والوضع الإجتماعي من حالة البؤس والتأخر الى حالة اكثر نُعما وتقدما وعمليا حرصت تلك السياسات الإقتصادية على تحريك الإقتصاد الذي كان يحظى بالسيطرة الوطنية في بناء المرافق العامة للدولة وبناء جيش مهني يمثل اكبر قوه عسكرية ضاربة في المنطقة  وهذا الجيش الذي بُني على عقيدة حب الوطن صار يحسب له ألف حساب لأنه بحسابات الدول العظمى من حيث التصنيف للجيوش اصبح خامس جيش في العالم وانّه لم يقصّر في يوم من الأيام في الواجب الوطني بل ضرب بيد من حديد على كل من جرّب ليعتدي على حدود العراق (البوابة الشرقية للوطن العربي) ويزعزع الأمن في المنطقة العربية فكلاهما في ظله خط احمر محظور لايُقرب  وأول اختبار حقيقي لقدرة القوات العراقية تجسّد في العمليات العسكرية في معارك التحرير في فلسطين والحرب مع النظام الإيراني عام 1980م  ولكي نقطع الشك باليقين فهما شاهدان على قدرة ذاك الجيش العراقي في الصمود بوجه المحاولات المشبوهة وافشالها مهما كلّف الأمر من عُدّة .

ومن المهم جداً معرفة حيثيات الإحتلال واسبابه فهي تختصر بما تحقق للعراق من نهضة شاملة وتأثير متنام متزايد على الساحة العربية والإقليمية والدولية لم يقبل الأمريكان ومن لفّ لفّهم ان يأتي بثماره قد تسبب في إحداث قلق للولايات المتحدة الأمريكية  دفع بإدارتها الى التفكير بإحتلال العراق تحت حجج غير منطقية  وبالرغم من عظمتها لم تتجرأ انْ تستفرد في ضرب العراق لأنها ادركت ان العراق رقما صعبا وموقفا صلبا شجاعا  وكما يقال للضرورة احكام فلجأت الى تكوين تحالف دولي منقادا الى أوامر القيادة الأمريكية لضرب العراق لكي لايقترب من أمن إسرائيل  ولما جدّ الجد ودقت ساعة الصفر انهارت الدولة العراقية في غضون أسابيع وشهد العراق تداعيات هذا الإحتلال التي ارتدّت عليه بانتكاسة كبيرة فقد من خلالها استقلاله السياسي والإقتصادي.