لاتمحوا ذاكراتنا رجاء ؟ |
يحل بيننا رمضان، شهر الطاعة والغفران، كل الشهور للعباد الا الشهر الكريم فهو لله عز وجل خالصاً بنهاراته ولياليه، تفتح فيه ابواب الجنة وتغلق ابواب النار دلالة على كرم ولطف الخالق، وأعطائه الفرص للناس من أجل التوبة والأمتناع عن المعاصي والكبائر، بعضنا يصوم الشهر طاعة، والبعض عادة، وآخرين حباً وإيماناً، وبيننا من يلتمس الأعذار لكي لا يصوم، بحجة المرض وغيرها من الأسباب. كما إن لشهر رمضان مكانة خاصة في تراث وتأريخ المسلمين، لأنهم يؤمنون إن الوحي وأول ما نزل من القرآن على النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في ليلة القدر في عام 610م، حيث كان الرسول في غار حراء عندما هبط الملك جبريل، وقال له: “إقرأ باسم ربك الذي خلق” وكانت هذه هي الآية الاولى التي نزلت من القرآن، والقران أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر جملة واحدة، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا، ثم كان جبريل ينزل به مجزءاً في الأوامر والنواهي والاسباب، وذلك في ثلاث وعشرين سنة. ورمضان شهر الجود والكرم والأحسان، وشهر تلاوة القران والأكثار من الصدقات، وهو شهر الصبر، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها، ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى: “قل ياعباد الذين آمنوا إتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”. أما طقوس الشهر الفضيل فتختلف من دولة الى أخرى، وعادة ترفع زينة رمضان في الساحات العامة والشوارع الرئيسة وداخل الأحياء السكنية، ويتولى سكان الحي تزيين منطقتهم بزينة رمضان التي تضفي الأجواء الروحانية والدينية، وهي عادة مميزة وجميلة ينبغي التمسك بها وأحيائها مع الشعائر الرمضانية لانها تضفي البهجة والسرور بخاصة للأطفال الذين يأكلون البقلاوة والزلابية ويترقبون قدوم العيد بعد رمضان ففيه تملء جيوبهم بالعيديات و “الجكليت والنساتل” ويخرجون للتنزه مع أصدقائهم.
فهل حقاً نعيش اليوم هذه الأجواء الرمضانية الصاخبة بالأيمان والصلاة في المساجد وأقامة ولائم الفطور وتنظيم مسابقات لعبة المحيبس التقليدية بين المناطق، يؤسفني أن أقول لا، في بغداد على سبيل المثال لم نر زينة رمضان في الشوارع والساحات، وأتساءل معكم من المسؤول عن إدامة تراثنا الأسلامي والحضاري، المجالس البلدية،أمانة بغداد، أم حكومة بغداد المحلية، كثرت المسميات لكننا في المحصلة النهائية لم نر شيئاً من طقوس رمضان.
سيقول البعض إننا نعيش أجواء الحرب على “داعش” وإن مثل هذه الطقوش شكليات لا تأثير لها، وأن الدولة لا تملك الأموال لتمويل زينة رمضان، أليس كذلك، لقد تعودنا أن نبخس الأشياء قيمتها، ولاننظر للمعاني التربوية والنفسية الناتجة عن التوظيف العقلاني لكهذا مناسبات وتأثيرها الواسع والعميق على الأجيال الحالية والمقبلة.
رجاء لا تمحوا ذاكرتنا من الأشياء الجميلة، ولا تستهينوا بأطفالنا شباب المستقبل، عز العراق وتطوره.
|