انا والحزب الشيوعي 15 |
كان الجميع يؤكد ضرورة تعلم اللغة واتقانها لا يأتي الا من خلال (الحب) ، يعني ضروري ان تكون مع امراة من ذلك البلد وهي سوف تلقنك دروس اللغة وقواعدها والنحو وتحفظ المفردات وتستخدمها بأتقان ، كنا نجلس في احد المقاهي بالعاصمة بلغراد وانا اتناقش مع احد الاصدقاء عن لقائي بأحد طلاب الماجستير وهو متفوق وكان يحبس نفسه بالشقة للدراسة والبحث وهو متزوج وزوجته في العراق ويدحض نظرية تعلم اللغة اليوغسلافية عن طريق اقامة علاقة حب ومعاشرة مع امراة يوغسلافية، كان يقول لي ادرس حتى اتعب واشعر بالنعاس وحينما انام وتأتي على بالي فكرة ولا استطيع ترجمتها او التعبير عنها باللغة الصربية (أفز) من النوم وابحث في القاموس واحفظ معاني الكلمات وما ان يأتي الفجر حتى يكون البحث كاملا باللغة الصربية ! يرد علي صديقي الذي يربط الحياة في اوربا بأهمية ان تكون المرأة جزء رئيسي منها! نحن نتكلم عن اللغة اليومية وليس عن اللغة العلمية التي يتكلم عنها صاحبك المهووس بالتحصيل العلمي (فقط) نحن في اوربا وعلينا ان نتنازل قليلا عن قناعاتنا لنكون مثلهم حتى نندمج معهم ! واشار الى طالب عراقي كان معه فتاة يوغسلافية جميلة ومعها علبة سكائر (سومر) عراقية ! أنظر الى هذه العلاقة اؤكد لك بأنه سيتعلم اللغة الصربية من دون معهد ! وتركني وذهب ، كما ان الطالب الذي اشار اليه خرج من المقهى وترك تلك الفتاة جالسة لوحدها ، كانت طاولتها بالقرب من طاولتي ،كأن الصوت يأتي من عالم آخر (أزفنتي -تقصد المعذرة- وأكملت قائلة باللغة العربية الفصحى – عندك ولاعة؟) اصابتني الدهشة ،قلت لها تتكلمين (عربي) أجابت نعم ، انا طالبة في قسم اللغة العربية – جامعة بلغراد ، وعلاقتي مع —— العراقي تفيدني كثيرا لأضبط اللغة العربية ! كنت افتش عن صديقي صاحب نظرية التنازلات والاندماج العاطفي واللغوي لألقنه درسا لكنني لم اجده !!. الأحزاب الشيوعية لا تجد نفسها وهويتها الثورية حينما تكون في السلطة ، بل هي تفقد ميزتها بمجرد ان يكون عملها (علني) ! ، أذن هي تستطيع ان تكون قوية ومؤثرة حينما تكون معارضة وسرية! لأن الحكم يحتاج الى ممارسة القمع والتعاطي مع المفاسد والتلذذ بمباهج ومتعة النفوذ والمال والتسلط ،والعلنية تحتاج الى تقديم التنازلات المبدأية والرضوخ الى شروط الحاكم حتى لو كان مخطئا – كما حدث مع عبد الكريم قاسم- او دكتاتوريا مجرما – كما حدث مع صدام حسين- او مغتصب ومحتل-كما حدث مع بريمر- ويسجل التاريخ المعاصر بأن اتعس واضعف المراحل التي مر بها الحزب الشيوعي هي في فترات العمل العلني، واذا كان البعض يبرر زيادة شعبية الحزب في القدرة على الكسب وحرية الصحافة التي تتوفر له في العمل العلني فالرد على هذا الرأي هي مراجعة نتائج العمل العلني وما اصاب الحزب من كوارث بعد مرحلة الانفراج والسماح له بالتحرك وكشف تنظيماته للأجهزة الامنية والقوى الرجعية! .(الجلد الذاتي) نوع من النقد لقيادات الحزب الشيوعي مارسها البعض بحجة التراجع عن الاخطاء او هي تنازلات للاخر،كانت هذه المراجعة النقدية قد مورست في 15 تموز 1959 الهدف المعلن والمستتر منها هو (عزل سلام عادل -سكرتير الحزب- وتعين بدلا عنه – هادي هاشم- ) اما الهدف الاهم (هو ترضية عبد الكريم قاسم وارسال اشارة بالتخلي الحزب بالمشاركة بالسلطة) لم يتحقق الهدفين ، هدف العزل والتعين جاء بدلا عنه (جعل القرار ثلاثي بين -سلام عادل-هادي هاشم-بهاء الدين نوري) وفي هذا قمة التخبط لعدم وجود انسجام فكري بينهم!! اما الهدف الثاني فسره عبد الكريم قاسم بأن الحزب الشيوعي قد انهار من الداخل فمارس عليه الضغط بقوة لتجميده ،بينما استخدم اللين والتسامح مع اعداء الثورة من القوميين والبعثيين بعد محاولة اغتياله في 7/10/1959 بعبارته الخالدة (عفا الله عما سلف) وأستمر الحزب الشيوعي بتقديم التنازلات لترضية قاسم فطرحت فكرة حل تنظيمات الحزب في الجيش ،عندها تعاظمت فردية عبد الكريم قاسم وكرر رفض طلب الحزب الشيوعي للعمل العلني ومضايقة صحافة الحزب ،ومر الحزب في فترة تسمى (فترة الابعاد) فقد ابعد سلام عادل (عزيز الحاج) ليعين كمندوب للحزب في مجلة (قضايا السلم والتضامن) في براغ والسبب هو ان كتاباته ومقالاته تروج للتبعية لعبد الكريم قاسم وهو من اوجد الصفات التالية :_ (الزعيم الأوحد) و(أبن الشعب البار) كما تم تمديد أقامة سلام عادل في موسكو عند حضوره المؤتمر 22 للحزب الشيوعي السوفيتي واختيار (زكي خيري) بدلا عنه. |