يتخرج سنويا ً آلاف الشباب من الجامعات ليواجهوا مصيرا ً مجهولا ً حيث ليس أمامهم سوق عمل مضمون سوى بسطيات الأرصفة و مساطر العمالة أما الشابات الخريجات فمصيرهن الجلوس في البيت و إنتظار القضاء و القدر حالهم حال الذين لا يحملون شهادات جامعية. و بذلك تكون الأموال الطائلة التي صرفت على تعليمهم ذهبت هدرا ً و السنوات التي قضوها في الدراسة ضاعت سدى, و كان من الأفضل إعطائهم الأموال التي صرفت على تعليمهم ليستفادوا منها بإقامة مشاريع تعيلهم أو صرفها لتلبية حاجاتهم المعيشية. و في المقابل هنالك من لا يحملون شهادات جامعية يعملون موظفين حكوميين يضمنون راتب وظيفي و راتب تقاعدي. طبعا ً فإن الرواتب الوظيفية و الرواتب التقاعدية للموظفين الحكوميين تأتي من أموال النفط. و لو أن المحرومون من أموال النفط من خريجي الجامعات و الذين لا يحملون شهادات جامعية عقدوا إتفاقية مع الشركات النفطية الأجنبية، مثلما فعلت الحكومة، لحفر آبار نفطية لإستغلال مواردها لإقامة مؤسسات مشابهة لمؤسسات الدولة مثل معمل صنع القنادر و الأسواق المركزية للعمل فيها موظفين للحصول على الراتب الوظيفي و الراتب التقاعدي فإن الحكومة ستلقي القبض عليهم و تضعهم في السجن بتهمة سرقة الأموال العامة. و في هذا مفارقة أن تلقي الحكومة القبض على هؤلاء المحرومون بتهمة سرقة الأموال العامة و هم من العامة و كأن أموال النفط حكرا ً لقسم معين من الشعب و حرمان الآخرين من هذه الأموال. إن أموال النفط التي تحتكرها الحكومة تذهب للمؤسسات التي واجبها توفير الخدمات الضرورية لكل الشعب مثل الكهرباء و التعليم و الصحة و لكن لأن هذه المؤسسات تعج بالفاسدين بسبب طبيعة أنظمتها الإدارية و النظام الإداري للدولة فإن الخدمات التي تقدمها تكون قاصرة و غير كافية لتلبية حاجة كل الشعب و المتضررون هم المحرومون لأن المتمكنين ماديا ً يستطيعون الحصول على هذه الخدمات من خارج مؤسسات الدولة. إن إحتكار الحكومة لأموال النفط و توجيه صرفها لقسم معين من الشعب و حرمان الآخرين منها أو من الخدمات التي كان يجب توفيرها لهم بهذه الأموال هو مخالفة للشرع لقوله تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" (الملك 15)، و كذلك هو مخالفة للمادة 111 من دستور جمهورية العراق التي تنص: "النفط و الغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم و المحافظات", و حتى هو مخالفة لشريعة الغابة حيث لا يوجد أي حيوان قوي يتسلط على غيره من الحيوانات الضعيفة و يمنعها من أكل رزقها.
|