أنانيون منذ الولادة |
في كل رمضان ، تتكرر الدعوات بين الناس ، من قبيل : تضيق ثم تنفرج دنياك فجأة ، ورمضان مبارك ، وأسأل عن احوال جارك قبل دارك ، واسعى الى تعزيز صلة الرحم و.. وغير ذلك من الكلمات التي تناسب الشهر الفضيل الذي نعيش حاليا ايامه .. ومُسعد من مد يد الخير الى من يستحق العون ، حيث يعيش في سكينة ودعة ، ربما بسبب دعوات عانقت السماء من فقير أعنته ، وحزين أسعدته ، فلا تستهن بفعل الخير . والإحسان للآخرين من المحتاجين صداه الانساني موجود عند رب الكون الذي أشرقت الشمس بأمره وتوزعت الأرزاق بكرمه . اعلم ، ان كثيرين مرّوا في حياتك ، مثلما مرّ كثيرون في حياتي ، وأجزم ان الذاكرة الجمعية الانسانية لا تحتفظ إلاّ بمن هم كرماء ، بلا تبجح ، وعندي ان من لا يملك ان يكون كريما ، لا يستحق ان يكون انساناً ، فالإنسان بلا كرم ذاتي ، كشجرة لا جذور لها ولا فروع ولا ثمار.. بعض من الكثرة الذين مروا في حياتي تجذروا في ذاكرتي لكرمهم ، وانسانيتهم ، وبعضهم ذهب مع الريح .. وهناك ، من أخذهم الجشع ، واكتناز المال بشتى الطرق ، على حساب البعد الانساني ، ودفعهم كالحصى الصغيرة امام السيل العرم ، وهؤلاء تمرنوا على حمل معاول جاهزة لتهشيم اعمال الخير لتغييب فرحة عابرة ! ان الحياة ، تاريخ متنوع ، وفلسفة عميقة وحساسية ابوية وملمح أنساني سامق ، وأن الكرم المقدور عليه ليس مجرد دعوة انسانية ، بل هو واجب مفروض على كل قادر ، مقتدر ، فدولاب الحياة في دوران .. وما اعظمه من دوران .. وما اصعبه حين يخل ميزانه .. والكرم ، الذي يحمل في طياته عدم (المنّة ) هي البئر التي تروي بمائه المحتاج في تطلعه الى الفضاء الرحب للحياة .. وبدون عقل مجبول على الكرم ، يصبح العالم مثل صحراء … لا نخل ولا ظل ولا ماء .. لا شيء سوى رمل وعقارب وأفاع وعواء ، فالعقل الكريم كالمظلة ، لا بد من فتحها حتى تعمل.. فلنحاول تعلم الكرم والإيثار، فنحن نولد أنانيين !!
|