الإصلاح ينتظر البداية |
ايها الزعيم و المسؤول الرفيع قد يزعجك كلامي ونصحي ، لكن عزائي وحجتي في ان تتقبل مني ذلك يعود لحسن النية والخلو من المصلحة والمنفعة الشخصية على عكس ثلة الانتهازيين والوصوليين الذين يملأون مجالسكم ويكيلون لكم بل يوغلون بالمديح والاطراء والثناء بمناسبة او دونها وبمباركة منكم او بدونها!. ان المناقشة السليمة وتبادل الرؤى والافكار للخروج بتوصيات واستنتاجات علها تعالج بعضا مما استنزفته المحاصصة الحزبية والطائفية والتقسيمات القومية والعرقية والاثنية هي حالة صحية سليمة اذا ما خلصت وصدقت النيات.وفي الاونة الاخيرة من المخاض العسير والمستمر للعملية السياسية التي استبعدت الكثير ممن هم اهل لها ، ومكنت الكثير للخوض فيها ممن هم قليلو الخبرة و التجربة وبعيدون كل البعد عن ابجديات العمل السياسي وما يتطلبه من مران وحبكة لتفادي الوقوع بالازمات ومعالجة الاشكالات قبل وقوعها او على الاقل استفحالها..ايها الزعيم او المسؤول الذي بيدك مقاليد الامور : لقد بدا جليا الوصول الى نهاية نفق التخبطات وباتت تلوح في الافق بدايات نهاية الطبقات السياسية التي حكمت البلد منذ اكثر من 13 سنة منها تغييرات طبيعية معنية بحركة الحياة وما تعتريه من كبر في السن والمرض والموت والولادة وغيرها ، ومنها وهي الاكثر وقعا ، تغييرات مرتبطة بالمجتمع والفئات والنخب الثقافية والابداعية والشعبية التي وصلت الى حدود القناعة بعدم قدرة الطبقة القائدة على الخروج من المآزق التي ادخلت البلد فيها سواء بسبب سوء التدبير والادراة غير القويمة او بسبب تضارب المصالح واشتغال قوى سياسية مشاركة في الحكم والبرلمان وفي الحصول على الامتيازات المشروعة وغير المشروعة ضد سياسة الدولة وحكومتها او بسبب التوغل الخارجي في مفاصل.ولما شعرت تلك الطبقات بكليتها او ببعض زعاماتها ـ منفردة ـ بقلة حيلتها في الاستمرار والحفاظ على مكاسبها السياسية وما ترتب عليها من سلطة وجاه ومظاهر العظمة والحياة الفائقة الرهافة بدأت تعمل على تغيير منهجها الفكري وطريقة التعامل مع متغيرات الاوضاع العامة والصدمات الموجعة التي تلقاها البلد على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك بالامر الحسن اذا كان هدف التغيير المنهجي قائماً على ايجاد مخارج وطنية حقيقية للبدء بالاصلاح الذي هو ـ اي الاصلاح ـ يحتاج بالضرورة الى وضع اساسات ودعائم ثابتة تبنى عليها العملية الاصلاحية ، وذلك للاسف ما يزال غير موجود بل هي مجرد افكار ورؤى تم طرح ومناقشة بعضها بين القوى لكن من دون ان ترى النور و هي قد تصلح لوضع تلك الاسس لكن ما دام انها لم تنفذ فانها اي العملية الاصلاحية لن تاتي كسابقاتها بنتاجات واقعية فعلية بل ان المضي من دون وضع اسس ودعائم الاصلاح الحقيقي لا يعدو سوى مضيعة للمزيد من الوقت الذي لم يعد لدينا الكثير منه في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها البلد وما يشهده من هجمات تتارية بربرية تكالبت عليه من مختلف دول العالم متمثلة بما يطلق عليه في المرحلة الحالية تنظيم داعش الارهابي الذي بات يتقهقر وربما سيعيد صهر نفسه او ما يتبق منه للابقاء على امكانية اعادة التكوين والتنظيم في مراحل مستقبلية وبمسميات اخرى غير داعش..ان الازمة الحقيقية تكمن في تعريف مفهوم الاصلاح الذي يرتبط حتما بالمصالحة الوطنية الشاملة ، فبعض القوى السياسية التي اكتوت بنار الحكم الدكتاتوري البغيض اعادة تطبيق تجربته على القوى والشخصيات السياسيىة التي كان يفترض بها الاشتراك والمشاركة في العملية الديمقراطية الوليدة التي وأدت من جهة البعض الذين تحولوا بالضرورة الى اعداء او ربما واصلوا العمل المعارض للنظام الجديد بعد ان كانوا معارضين للنظام السابق..المشكلة ما زالت تكمن بنظرة بعض القوى السياسية المتحكمة الى استحالة التصالح مع اطراف معينة يصر البعض على توصيفهم بمسميات وتعريفات قد اكل عليها الدهر وشرب واصبحت بحكم معتنقيها انفسهم مراحل وحقب ماضية قد تمكنوا من تجاوزها ، وهي ذات المشكلة المرتبطة بالاشكالية العقلية التي تصر على قيادة الدولة وفقا لاحكام تقليدية ليس بمقدور حامليها الانشراح نحو الاهدف الاسمى عبر مراجعات ما تزال وتبقى ممكنة كونها تعد المفتاح الرئيس لباب الخروج من الدوامة وتحريك الدورة الدموية في الجسد المنهك للدولة.
|