مل الناس أخبار السياسة ، فليس فيها ما يفرح ، ولا عند السياسيين ما يسر الخاطر ، غير الوجع والاحباط ، والمناكفات والخلافات والتباري في كيل الاتهامات ، وتصفية الحسابات ، وإستمرار نزيف الدم في التفجيرات .. ولكن هل لنا أن نعيش بدون سياسة ...؟! ... فاذا كانت كل همومنا سببها السياسة ، وهي التي تضعنا في دوامة من الحيرة ، وفي دائرة مغلقة من المشاكل والازمات .. ولكن هل من سبيل غيرها للخروج منها ؟.. هل نلعن السياسة ومشتقاتها ، ودرجاتها ، كما فعل الشيخ محمد عبده ، لأنها ما إن دخلت شيئا الا وأفسدته ، أم هي ضرورة للحياة ، وإن كانت دواء مراَ كما يرى غيره .. فنكون كمن يهرب منها اليها ...!! .. فكيف لنا أن نرى الاخطاء إذا لم تكن لنا درجة من الرؤية الصحيحة ..؟ فهل السياسة هي ( النظارة ) التي تضمن الوضوح في حالة اختلال الرؤية عند أحد منا ، وتجعلنا نرى طريقنا بدرجة عالية ، و نتفحص ما يحصل أمامنا بدقة لا متناهية...؟.. كل شيء في الحياة - أبسطها و أعقدها - يبدأ من السياسة وينتهي اليها ... واسباب الفشل والنجاح تعود الى السياسة ... ووضع أي بلاد في العالم ، ودرجة التقدم أو التخلف فيها يعطيك مؤشرا عن السياسة ... وتقويم أداء الحكومات ، بكل أنظمها السياسية ، لا يحتاج الى إجراء إستبيانات ، أو مراكز بحوث ، أو تصريحات ، أومؤسسات إعلامية قد يديرها من لا علاقة له بالاعلام ، وإن كان يحمل أرقى شهاداته ، أو كتاب لا يعرفون غير المديح والهجاء .. وببساطة تبدأ معرفة أداء أي حكومة من البيت ، وما يحتويه .. ومن الحياة وما توفره لها من خدمات راقية في كل مرافقها ، والأمن العالي ، والراتب المناسب الذي يضمن العيش الكريم للمواطن ... السياسة ليست صراعا بين المصالح تحت ستار المبادىء ، أو أن تنظر الى الصورة بالمقلوب ، فتضع المصالح فوق المبادىء على حد تعبير احد الكتاب.. والسياسة ليست أن ترفض اليوم ، وتوافق غدا دون أن تعرف الجماهير لماذا رفضت ولماذا قبلت .!.. السياسة تعني الشفافية العالية ، لكي لا يبقى مجال للشك ، وتتعزز الثقة بين الاعلى والادنى .. وبين الشعب والحاكم.. السياسة أن نعرف الطريق ...والى أين نحن سائرون ...
|