أنقذوا فكرنا المحاصر

 

في السادس من أغسطس (آب) 1990 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 661 بفرض عقوبات اقتصادية على العراق. لاجل التضييق على العراق و إرغامه على سحب قواته من الكويت. ولكن استمرت العقوبات نافذة بذريعة التأكد من خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل، وتطبيقه قرارات مجلس الأمن، وشملت هذه العقوبات حظراً تجارياً كاملاً باستثناء المواد الطبية والغذائية والمواد التي لها صفة إنسانية.

و أدى الحصار إلى نتائج مخيفة في شتى مجالات الحياة العامة الصحية و البيئية و الاجتماعية و الاقتصادية و حتى على الصعيد التعليمي و التربوي و الأدبي على حد سواء . فلقد تجرع العراق الويلات بسبب ذلك الحصار المشؤوم فهو لم يواكب التطوير العالمي و تحول العراق في خلال العشر سنوات العجاف من الحصار الى بلد منهك و يعاني من شظف العيش.

و رغم ان الحصار انقضى و أصبحنا اكثر انفتاح على العالم الا ان مازال الكتاب العراقي يعاني الحصار الثقافي و الأدبي مستمر و لم يرفع الحظر عنه و لازال محروم من التصدير الدولي ، حيث انه يطبع داخل حدود العراق و لا يسمح له بالتنقل بين أقطار العالم ليطلع العالم على ثقافتنا و أفكار شبابنا و كتابنا التي تستحق ان يقف العالم عندها . فالكتاب العراقي اليوم مهمل خلف اسوار الوطن و ليس له حضور و مشاركات خارج البلد من خلال المعارض الثقافية الدولية للكتاب او التصدير العادي لكافة الأقطار . رغم هناك محاولات مستمرة من الأدباء و المثقفين و دور النشر بإطلاق سراح الكتاب العراقي من أسره و حصاره التى جعلت الكثير يبحثون عن مطابع خارج البلد لضمان ان الكتاب يطبع مع الشيفرة الخاصة بالكتاب او ما تسمى بالباركود مع إمكانية تصديره دولياً ليجوب أنحاء العالم .

رغم ان الدولة غارقة بالعديد من الأمور و تائهة عن ابسط متطلبات الحياة للشعب ، لكن لابد ان يكون لها وقفة بإطلاق سراح الكتاب و إعطائة حرية من خلال إعطاء الكتاب جواز مرور دولي خاص به ليتيح له التنقل بحرية دون قيد.

لابد من هيئة الدولة الموقرة ان يكون لها قانون يطبق على الكتاب و دور النشر فلا يقبل الردئ منها و لا يطبع حتى و ان كانت على النفقة الخاصة الا بعد التعديل و التنقيح لتطابق الشروط و ترتقي بمستوى القارئ. كما ان من الاجدر أيضاً ان تضع اسعار معينة لا تتجاوزها دور النشر و التي تكون مناسبة و عدم المغالاة فيها حتى لا تجعل الكاتب ينفر و يكون سبيله الوحيد هو الطباعة بغير دول . فالقيد الوحيد الذي لابد وضعه هي المعايير التي تحدد اذا ما كان الكتاب هابط فكرياً او انه غني لغوياً و ادبياً و فكرياً حتى لا يهبط مستوى الفكر و الثقافة بالبلد .. فما يحدث اليوم يثبت ان هناك من لا يريد الخير للعراق و لا يريد ان ينهض العراق فكرا و معرفة و يفرض عليه قيود لا تنتهي ليجعل كل شي جميل في العراق شاحبا مميتا خاليا من اي معالم للحياة او مواكبة الحياة على الصعيد الثقافي و الفكري و الأدبي .