آبي ــ سين أنتحر ، والبابا لايعلم

في مطلع الالفية الثانية أراد البابا الذي يعتقد أكثر من الكثير من مجتهدينا وعلمائنا أن مدينة أور التي ولد فيها النبي ابراهيم ع وحسب المصادر التي ذكرت بعض الروايات أن إبراهيم ولد في حران، ولكن معظم الروايات التاريخية تشير إلى أنه ولد في أور القريبة من بابل في عهد نمرود بن كنعان، وهناك تضارب كبير في الروايات حول تاريخ ولادته وجميعها ينحصر في الفترة بين 2324-1850 ق.م حيث يرى الباحثون أن الحسابات القديمة تصل بين 50-60 سنة وحسب رواية التوراة فإن إبراهيم ولد سنة 1900 ق.م.
يغتقد البابا أن أور لقداستها في التأريخ الحضاري للديانات فهي قطب الارض ، لهذا كانت فكرته أن يبدأ من اور مسيرة كالتي سار بها ابراهيم من اور الى حران ومصر وفلسطين .
وتمهيدا لتحقيق مشروع مسيرة البابا في مطلع الالفية ارسل سفيره البابوي كقاصد واظن انه كان كاردنالا بمنصب وزير خارجية الفاتيكان في زيارة استطلاعية الى مدينة أور.
جاء القاصد الرسولي الى الناصرية وشكلت لجنة حكومية لاستقباله ، لكنها لم تقترب منه إذ انه محاطا بوفد تشريفات اغلبه من رجال المخابرات . ومن بين الذين تبرع لتوثيق زيارة القاصد الرسولي وتصويرها المصور المرحوم عبد الغني الطيار.
كنت موجودا يومها وقد ذهبت من الاخوة في اعلام المحافظة وأنا أعيش امنية ان ارى وجه كاردنالا حقيقيا بعد ان شبعت من وجوه الممثلين الاوربيين الذين كانوا يمثلون دور الكاردينالات في الكثير من الافلام واغلبها الافلام الايطالية حتى الكوميدية منها كما في فيلم مثله ابطال افلام ترنتي . من بطولة بود سبنسر وترانس هيل.
نزل القاصد الرسولي من سيارته السوداء البهبان ، تأمل الزقورة بأعجاب ودهشة ، فأشر كبير المرافقين الى الدليل الاثاري ليقود الكاردينال والوفد الى سلالم الزقورة ليصدوا اليها ، فقال القاصد البابوي للمترجم : نحن جئنا من اجل النبي ابراهام اولا.
تغير مشي الوفد ومرافقيه ونحن الى الآتجاه الذي اشر اليه الحارس والدليل الاثري وقال :هناك بيت النبي على بعد مائتي متر من قصر الملك شولكي .
همس القاصد في سيره البطيء صوب بيت النبي وسأله : من هو شولكي .؟
التفت المترجم الى الحارس وسأله : شولكي من .؟
قال الحارس : ملك سومري ولد في أور ودرس في مدارس الكتبة (بيت الألواح) , وكان فتى في الصدارة وأحرز السبق في كل من فن الكتابة والرياضيات , انه كان إنسانا عظيما جدا ,فلا شك انه كان إنسانا ذا ذكاء بالغ , وتعلم الموسيقى التي كان يعشقها ولا ينام إلا على صوتها الدافئ , حتى كان موسيقيا متخصصا ماهرا يعزف بأية أداة وترية أو هوائية , لأنة يلم بتقنيات الأصابع , ويفهم مختلف أنماط التأليف الموسيقي , وقد ألف الأغاني كلمات وموسيقى وأعطاها لمدارس الكتبة في كل من (أور ونفر ).
أجاب الكاردينال بأعجاب : يا لهذا الرجل الرائع ، لو يعرفه فوكو لجعل شخصيته غموضا لرواية عبقرية اخرى لربما تحمل عنوان أسم القيثارة.
اغلب المتواجدين لم يسمعوا بأسم فوكو . وحدي ربما من يعرف صاحب اسم الوردة .
قال الكاردينال : وهل هو اخر ملك هنا . ؟
قال الدليل : بل اخرهم أبي ــ سين وفي زمنه تم احراق أور وانتهى عهدها .
قال الكادردينال: حتما الملك ابي سين دافع عن مدينته أو تم نفيه ، تلك نهايات اغلب الملوك .؟
قال الدليل : بل مات منتحرا ، حين شعر أن العلاميين سيطروا على المدينة واقتربوا من قصر الملك ليحرقوه.
قال اقاصد الرسولي : تلك تراجيديا مؤلمة لموت ملك ..حتما البابا ستؤنسه هكذا حكايات وتهمه ، فهو مثلي لايعرف بها