الشفافية مفردة من ميدان الإدارة الرشيدة .. المال العام وتحقيق الإستخدام الكفوء للموارد

 

ان شفافية المعلومات هي تمكين الجميع من الوصول الى الحقائق سواء كانت اقتصادية ام اجتماعية ام سياسية من خلال نشر البيانات من قبل المؤسسات الحكومية ( الخطط , الانفاق, الاتفاقيات ).

من هنا تظهر موضوعة الشفافية وعلاقتها بالاشكالية السياسية والاقتصادية وتداعياتها في الاداء العام , فوجود الشفافية كمفردة على ارض الواقع يعتبر عاملا مؤثرا في الارتقاء بالاداء الاقتصادي والسياسي على حد سواء .

وفي اراء متتابعة , فان وفقا لمؤشرات البنك الدولي لعام 2012 فقد شخص العراق باعتباره دولة متقدمة في المنطقة العربية والشرق الاوسط في مجال الممارسات الديموقراطية , الا ان هذه الصورة تكون مختلفة عندما نتناول موضوع قدرة الحكومة على الايفاء بجميع متطلبات الادارة الرشيدة ,

ان غياب الشفافية يحرم المواطن من حقه بمراقبة التصرف بالمال العام ( من خلال القنوات البرلمانية ومنظمات المجتمع المدني او الاعلام ) كما نص عليه الدستور العراقي , فهي اداة مهمة للوقوف على مستويات الانتاج والتسويق النفطي وتمكنه ايضا من معرفة الاولويات في الانفاق الحكومي نحو الاهم وليس المهم , وفي وضع بنود الموازنة باعتبارها اهم الادوات الحكومية , فالموازنة صورة من صور العقد الاجتماعي بين الحكومة والمواطن فلابد ان يعامل هذا العقد بوضوح وقدرة على التفاعل الايجابي بين الطرفين من خلال استخدام العوائد المالية لتقديم برنامج حكومي اقتصادي شامل .

كما ان غياب الشفافية تفتح ابواباً واسعة للتصرف بالمال العام , من خلال ضعف كفاءة الاداء العام وعدم النزاهة في الانفاق والتخصيصات .

من الجدير بالذكر فان العراق استطاع ان يحتل مرتبة متقدمة في شفافية الصناعة النفطية فقد تم اطلاق مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية في 2010 عندما اعلن العراق التزامه بتلك المبادرة وقد قام المجلس الدولي للمبادرة بالاعلان عن ان العراق قد اصبح بلدا مرشحا ضمن المبادرة بعد اجتماع اوسلو لنفس العام .

وعليه فان الحكومة العراقية ملزمة بالافصاح عن كافة العائدات الناتجة عن مبيعات القطاع النفطي وبالمقابل تقوم الشركات المشترية للنفط بالكشف عما تدفعه للحكومة حيث تمت مطابقة هذه المبالغ ونشرت في تقرير المبادرة باشراف مجلس اصحاب المصلحة الذي يضم ممثلين عن الحكومة العراقية والشركات الاستخراجية الوطنية والاجنبية ومنظمات المجتمع المدني وتم نشر التقرير الاول في 2011 .

ان انضمام العراق لمنظمة الشفافية الدولية في التعاملات النفطية الخارجية امر ضروري  في الوقت الحاضر كونه سيعيد ثقة الشعب بالدولة العراقية سواء على مستوى العقود المبرمة مع الشركات العالمية ام مقدار الايرادات المالية العائدة الى البلد اضافة الى كميات النفط المصدرة الى الخارج , اما على الصعيد الدولي ستحسن سمعة العراق من بين دول العالم كون هذه المنظمة تتميز بمشاركة كبار الدول النفطية في العالم والتي تخضع للمقاييس الدولية لموضوع الشفافية وستخفف من عمليات الفساد المالي والاداري التي تحدث في التعاملات النفطية الداخلية والخارجية .

فيما يخص الشفافية في مجال النفقات العامة لم يتمكن العراق من تحقيق مستوى من التقدم بنفس القدر الذي تحقق بالنسبة لشفافية الموارد المالية النفطية , كما ان الممارسات المالية للحكومة في السنوات السابقة ليست لها علاقة بستراتيجية اقتصادية واضحة وعليه تعذر على المواطن ومنظمات المجتمع المدني التصدي لتلك الممارسات .

في ظل الشفافية يستوجب على الحكومة تقديم برنامج انفاقي واضح من جداول دقيقة للايرادات الحكومية مع تفاصيل مهمة اخرى , تلك التفاصيل تجعل صاحب القرار اكثر التزاما بالقوانين وتطبيقاتها .

ان تداعيات تخلف الاداء الحكومي انعكس سلبا على الخدمات العامة المقدمة للمواطن وافرز حالة من الفساد المالي مما اضر بالسياقات العامة للتنمية الاقتصادية .

لاشك بان شفافية الموازنة تتطلب ببساطة نشر المعلومات التي تصدرها وزارة المالية سنويا وبحسب قانون الادارة المالية رقم 95 لعام 2004 من خلال ستراتيجية الموازنة والتي تتضمن الاهداف والاولويات للسياسات الاقتصادية على المدى المتوسط والبعيد وتوقعات الايرادات والنفقات والعجز او الفائض والدين ,

تفاصيل الموازنة الاتحادية قبل وبعد ان اقرها من قبل مجلس الوزراء ,

التقارير الشهرية ومدى ما تؤثره في تطبيق الموازنة على ان تصدر في غضون ثلاثة اسابيع من نهاية كل شهر تتضمن مقدار الايرادات والنفقات شهريا ,

تقرير نهاية العام وهو وثيقة المساءلة الاساسية للحكومة ويجب ان يخضع للتدقيق من قبل اعلى مؤسسة متخصصة في مجال تدقيق الحسابات ( ديوان الرقابة المالية ) وان يصدر في غضون ستة اشهر عن نهاية السنة المالية .