اصبح الفقر سمة يتسم بها المجتمع العراقي برغم انه يمتلك ثروات كبيرة ومختلفة، من النفط والمعادن الى الارض والمياه والثروة الحيوانية والطاقات البشرية الا ان سياسات حكوماته المتعاقبة افقرته. وما ان يتمكن من تخفيف حدة الفقر حتى تعود النسبة الى الارتفاع مجدداً، وتتدهور احوال الناس المعيشية. فقد كشفت وزارة التخطيط ان نسبة الفقر ارتفعت خلال العام 2015 الى 22,5 بعد ان كانت خلال عام 2014 قد بلغت 15% وقبل ذلك وصلت النسبة الى 23% في عام 2010 هكذا الامر ترتفع وتنخفض ارتباطاً بالاوضاع السياسية في البلاد والسياسات الاقتصادية وتوجيه الموارد الى اي الفئات في المجتمع. تعزو وزارة التخطيط ارتفاع النسبة بعد سقوط الموصل وعدد من المدن بيد عصابات داعش الارهابية التي تسببت بحدوث موجة نزوح لم يسبق لها مثيل تقدر اعداد النازحين بـ3,5 مليون انسان في مختلف مدن العراق وهم يعيشون اوضاعاً غاية في السوء والبرامج الاغاثية والمساعدات لم تنتشلهم من محنة الفقر، بل ان فئات واسعة منهم اصبحت تعيش تحت خط الفقر المتعارف عليه دولياً المحدد بـ 2 دولار للفرد الواحد كي يؤمن متطلبات معيشته. والامر من ذلك البرنامج الذي اقرته الحكومة لاغاثة النازحين شابه الفساد الذي قلل من فائدته، ولا تزال بعض الدعاوى تنظر فيها هيأة النزاهة. كما فاقمت الحرب المستمرة ضد الارهاب من المعاناة، اذ ان الهاربين من جحيم داعش الأرهابي يروون قصصاً عن الحرمان والعوز الذي يعيشه العراقيون في هذه المناطق جراء تجريدهم من ممتلكاتهم وانفاق ما كانوا يملكونه لتأمين بعض متطلباتهم. الى جانب الحرب هناك الازمة الاقتصادية الخانقة وهبوط اسعار النفط والعجز في الموازنة التي تعتمد على موارده، وبالتالي الركود في الاسواق وتوقف المشاريع وانعدام فرص جديدة للعمل في بلد ينمو سكانه بمقدار 3% سنوياً، وهي نسبة مرتفعة تلتهم النسبة الاكبر من نمو الدخل الوطني، كما يعتمد سكانه على الوظائف الحكومية ، وضعف القطاعات الاقتصادية الاخرى وهشاشة القطاع الخاص. ان السياسات الحكومية للاسف الشديد لم تتمكن من معالجة قضية الفقر في البلاد والمحافظة على التقدم الذي حدث بفعل ارتفاع اسعار النفط ، ومن خلال بناء اقتصاد مولد لفرص العمل ونظام اجتماعي يقي الفئات الضعيفة والمهمشة من الحرمان. البلاد لا تملك رؤية استراتيجية للاقتصاد الوطني والسياسات الاجتماعية ترتقي بالمواطنين الى مستويات افضل على وفق خطط معللة ومجربة ومتوازنة، خصوصاً ان بعض المدن العراقية لغاية الان لم تستفد من الموارد العامة للدولة لتخطي فقرها وبناء اقتصادها المحلي فمحافظات مثل المثنى والديوانية وذي قار تمتلك كل امكانات وعناصر النهوض الاقتصادي ولكن يبدوا الفقر قدرها الابدي
|