الطبيب الآلي

 

لم تعد بحاجة الى ان تذهب الى الطبيب، وقد لا يأتي موعد معاينتك الا بعد اسابيع أو أشهر، وان تدفع راتبك التقاعدي كله، دفعة واحدة، من اجل تشخيص علة بسيطة لا تستغرق اكثر من دقيقتين، مضافاً اليها تكاليف السونار وتخطيط القلب والتحاليل المختبرية التي لا يقبل الطبيب الا ان تكون من قبل مختبر هو يحدده لك!. كل هذا سوف لن تكون بحاجة اليه، في وقت ما في مكان ما، أدعو الله أن يكون قريباً، بل والادهى من ذلك سوف يتم الغاء كل كليات الطب، ولم نعد حينها بحاجة الى اطباء ولا مدينة للطب ولا وزارة للصحة. سوف لن نذهب الى مجمع الحارثية الطبي أو سواه من المجمعات التي كانت سكنية فتحولت الشقق الى عيادات للأطباء أو للاجهزة المختبرية والتحاليل الطبية، ومن ثم فانك لن تدفع رشوة لسكرتير الطبيب لكي يقدم لك موعد اللقاء التاريخي بالطبيب الذي سيكتب لك وصفة تعالج الداء الوخيم!. وبالتالي فانه لن يكون هناك طبيب اختصاص يعلق على واجهة عيادته عشرات اللافتات التي تشير الى مكانته العلمية وشهاداته الداخلية والخارجية، وطبيعة اختصاصه في القلب أو المعدة أو العظام أو العيون أو الأنف أو الاعصاب أو المرض الذي أصيب به كل عراقي منذ ما قبل الاحتلال الامريكي وما بعده وحتى الآن وهو مرض القولون العصبي، عافانا الله واياكم من أي داء. والسبب لهذه المقدمة كلها، هو انه وبعد سنوات أرجو أن لا تكون بعيدة سيكون بين ظهرانينا الطبيب الآلي. نعم الطبيب الآلي الذي تجلس على كرسيه فيفحصك من فروة الرأس الى ابهام القدم ويأخذلك تلقائياً الاشعة والسونار وتخطيط القلب ويؤشر على الشاشة الالكترونية موضع العلة وطبيعة الداء ويدخل الى قلبك ورئتيك ومفاصل عظامك وحدقة العين وتجويف الاذن ومجاريك البولية والتناسلية وطبيعة اعصابك ونوع دمك ولزوجته وجيوبك الأنفية وتسوس اسنانك، وبعد أن يتم ذلك كله، يعطيك عبر جهازه البصري ورقة مكتوب عليها نوع الدواء وطريقة استعماله. الحمدلله على كل شيء، فها نحن نعيش عصر التقنيات المذهلة التي نقرأ عنها أو نشاهدها عبر شبكات التواصل الاجتماعي وندعو الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن يحصلون على هذه التقنيات المذهلة لا من المتفرجين عليها فحسب، خلاصاً من تسعيرات الاطباء والمستشفيات التي صارت ترهق كواهل المواطنين على كافة مستوياتهم، الاهل بلغت اللهم فاشهد!