حكومة الاقتراض !

لم يكن تأثير انخفاض اسعار النفط في العالم مؤثراً على العراق فقط بل على العكس شمل عدد كبير من دول العالم التي تعتمد على النفط الخام بمصدر رئيسي في تمويل موازنات بلدانها , لكن هناك فرق بين تأثر هذه الدولة وتلك وحسب اعتمادها على مشاريع حيوية اخرى للعودة عليها في اوقات المحن , في العراق ولعله امر واضح للجميع أصبح لانخفاض اسعار المعدن تأثير كبير جدا على موازنة الحكومة للعامين السابقين , والسبب الرئيسي في ذلك هو اعتمادها على النفط بشكل اساسي لتزويد الموازنات التشغيلية والاستثمارية في البلد , لذا اصبح من المفترض الذهاب نحو تخفيض الموازنة العامة للبلد والذهاب صوب مشاريع اخرى تنموية , المشكلة الرئيسية في العراق انه يمتلك موارد كثيرة لم تستغل بالشكل الصحيح وهذا ما حذر منه الخبراء في المجال الاقتصادي , فأهملت الزراعة ولم يتم تطويرها والزراعة في العراق يمكنها ان تكون بديل للنفط في رفد الموازنة العامة بالأموال ! 
اضافة الى ذلك فأن الزراعة لو تم اعتمادها بمصدر حقيقي ستتمكن بشكل او بأخر من تقليل نسب البطالة المتشفية في ارض الرافدين كونها تتطلب أيدي عاملة اكبر بكثير مما يتطلبه استخراج النفط الذي لا يمكن ايضا ان يهمل او يقل الاهتمام باستخراجه لكن المرحلة تتطلب الاهتمام بالموارد الاخرى الزراعة والصناعة التي لم يوضع لها سياسة صحيحة لتطويرها على الرغم من ان العراق يمتلك ارض خصبة في الجانب الصناعي لكن الذي حدث هو الاعتماد على الاستيراد الذي جعل من اسواقنا المحلية مرتع للبضائع السيئة ! 
ولا شك ان هناك مجالات اخرى من الممكن الاعتماد عليها لدعم اقتصاد البلد مثل السياحة وخاصة الدينية منها , واتباع الحكومة الحالية مبدأ الاقتراض من بنوك الدول العالمية لسد النقص الحاصل في الموازنة يعد خطوة سلبية وستكون لها نتائج غير صحية في المستقبل خاصة وان عملية صعود اسعار النفط في المستقبل غير مضمونة ابدا , فبدلاً ان تتبع سياسات عاجلة ووضع خطة عمل سريعة لتنمية المشاريع الزراعية والصناعة والسياحية يتم اقتراض اموال كبيرة لتسديد الموازنات التي تهدر اغلبها بالجانب التشغيلي وهذا يشكل كارثة ستحل بالبلد في القريب العاجل , فالحكومة التي لا تستطيع تقليل رواتب المسؤولين والدرجات الخاصة فكيف ستتمكن من تسديد تلك القروض التي يمتد عمر البعض منها الى سنوات عديدة ووفق مبدأ الفائدة ؟؟؟ حقيقة أمر يثير الاستغراب في بلد البترول !!! والسلام .