اعمى يقود بصيرا لا أبا لكم قد ظل من كانت ألعميان تهديه

 

من ألقصص ألتراثية أنه مر بالشاعرألبصير  بشار أبن برد ؛رجلا يسأل عن عنوان أحد الناس ؛فدله بشار بألأشارات الى مكان البيت وموقعه ؛عاد الرجل ألى بشار وطلب منه المساعدة ثانية؛فأخذه بشار من يده ودله على البيت وقال له:هذا هو بيت الرجل ياأعمى؟!!. يدل أن تربيتنا ألدينية والقبلية والتعليمية الفاشلة ؛جعلتنا نتخبط في حياتنا منذ نشوء الدولة ألعربية ألى يومنا هذا.
محمد عبده قال{ليس من ألحكمة أن تعطي الرعية مالم تستعد له ؛فذلك بمثابة تمكين القاصر من التصرف بماله قبل بلوغه سن ألرشد؛ وكمال ألتربية ألمؤهلة والمعدة للتصرف ألمفيد}؛لقد كان محمد عبده مصرا في أخر حياته ؛على أن ألآصلاح التربوي وألتعليمي وألأجتماعي ألمتدرج وطويل ألأمد هو ألأفضل ؛قبل ألبنية ألسياسية؛والفوضى ألعارمة في ألعراق ومصر  وسوريا تؤيد هذه ألرؤيا.
كل ألتجارب التي مر بنا كانت فاشلة ؛فالدولة الدينية  فاشلة ؛وقد عانت شعوب المنطقة من حكومات جائرة متسلطة تحكم بأسم الدين وتفرضه عليها بالسيف؛ثم جاءت ألملكيات ؛فلم تكن أحسن حالا؛فقدأستولت على البلاد والعباد وحولتها ألى ملكية خاصة تورثها ألى أحفادها ؛ثم جاءت الجمهوريا ت فتحولت ألى حكومات وراثية تحكم بالمدفع والصاروخ؛وفي عصرنا الحالي جائتنا ألحكومات ألأسلامية ؛فكانت تسخة طبق ألأصل من الحكومات التي سبقتها تحكم بأسم الدين ؛ تكفر ألناس وتقطع رؤوسهم بشريعة وضعتها كغطاء لتبرير سيطرتها وبقائها .سألت أحد المهجرين الى أيران أثناء النظام ألبعثي ؛عن الفرق بين ألنظام ألأيراني ألحالي ونظام صدام فأجاب { بعثين لابسين عمائمّ!!}.
فأين الخلل ؛يبدو أنه ليس بالأنظمة فقط؛بل ألشعوب أيضا ؛فهي منقسمة على نفسها  ألى شيع وأحزاب ؛بسبب ألتربية وألبيئات التي نشأت فيها ؛ونتيجةللتراكمات عبر العصور فأصبح فهمها للحياة بعقلية الماضي ومأساته  وأمراضه وعقده ولايريدون أن يتخلصوا منها وأصبحت جزأ من صيرورته وكيانه .أعطت هذه العقليات والثوابت ؛فرصة تاريخية يلعبها الحكام؛فأذا أنتفظت شريحة على ظلم حكامها ؛حركوا عليها شريحة أخرى بالطائفية أو العشائرية أو بالمال؛وبالتالي سيكون الرابح ألأكبر هو الحاكم ؛ولذلك فأن الحكومات ألعشائرية بقيت في سدة ألحكم لقرون طويلة فقد حكمت قريش ألأمة بشكل متواصل لأكثر من تسعمائة عام ؛وفي وقتنا ألحاضر نرى أن ألحكومات ألملكية ألوراثية مستمرة منذ عقود طويلة ؛وقد أنتبه ألحكام الجدد لهذه النقطة وأستغلوها بأقامة أحزاب كارتونية تخدم أهدافهم ومنها  على سبيل ألمثال صدام وألقذافي بقيا في الحكم لعشرات السنين ولولا الدول ألغربية التي ساهمت في أسقاط هذين ألنظامين ؛لربما بقي أحفادهما لقرون.
وألدليل على تخلف تعليمنا ؛أن التغييرات ألتي حصلت في كل بقاع العالم لم تؤثر بنا ؛بل عدنا ألى عقليات ألقرون ألوسطى نقتل بعضنا ألبعض ألاخر بطرق وحشية  وبدائية من قطع الرؤوس ألى أستخدام أسلحة الدمار ألشامل كما حصل في حلبجة ومانشر في الصحف مؤخرا بأستخدام ألأسلحة الكيماوية في سوريا.
دعونا نقارن بين أمكانياتنا ألمادية و بعض ألدول ألتي تعيش في كوكبنا ؛فمثلا ألعراق يمتلك ثروات هائلة؛نفطية وزراعية وسياحية ألى جانب معادن أخرى وألهند التي يتكون سكانها من عشرات ألأديان وألقوميات وألعقائد وعدد سكانها يزيد  على مليار ؛فنجد ألفارق بين السماء وألأرض؛السبب تفشي الجهل والطائفية والعشائرية وألتمسك بالعادات والتقاليد ألتي عفى عليها ألزمن وألتعليم ألتلقيني!!.
ألكويت وسنغافورا؛فالأولى تمتلك تحت باطنها ثروات هائلة ؛فأين تقدمها ألعلمي والثقافي وألأنساني وهي تصدر مليارات البراميل من ألنفط وتستورد حتى ملابسها من ألصين وتايوان!!.بينما ألثانية مساحتها لاتتعدى مساحتها ؛مساحة ناحية في أي بلد عربي ؛بلد متقدم تكنلوجيا وحضاريا وأنسانيا ويعتبر من ألقوى ألأقتصادية ألكبرى في ألعالم؛لماذا ؟؛لأن ألأولى لم تتخلص من عقلية الصحراء وأيمانها بمقولة {ليس بالأمكان أفضل مما كان}بينما ألثانية تخلصت من بعبعها وأنطلقت في برنامج حضاري وغسلت أدران ألماضي من عقول أبنائها وتقدمت ألى ألأمام وتركت ألماضي في مكانه يعاني من سكرات ألموت!!.بدأ لي كوان يو؛مؤوسس سنغافورا ألحديثة كتابه ألضخم {من ألعالم الثالث ألى ألأول}بخطاب لجيل ألشباب؛ألذين أعتبروا ألأستقرار والنمو والرخاء قضايا مسلما بها مذكرا أياهم ؛أن التقدم ألصناعي  وألأجتماعي وألأمن ألشخصي تعتمد على ألتخطيط السليم  للتغلب على ألصعاب والعوائق ؛من خلال حل مشاكل ألتعدد ألطائفي والقبلي وألأيديولوجي ؛التي لم تزل تعيق كثير من بلدان العالم.
ألأمل ألوحيد ألمتبقي للشعب ألعراقي لكي يخرج من مستنقع ألطائفية والعشائرية والحزبية ألبغيضة ؛هي أعادة  ألنظر بمناهجنا ألدينية والتعليمية وتخليصها من أدران ألماضي ؛وألأستعانة بخبرات ألدول ألمتقدمة في مجالات ألتعليم ألتقني وألتربوي وألأنساني وأعادة ألثقة وألمساواة بين فئات ألشعب ومغادرة حكايا ألديناصورات ؛وحكايات جدتي وتقاليد الماضي ألمظلم وأطلاق حرية التعبير وألاعتقاد وأعادة ألحقوق ألمغتصبة للمرأة ومساواتها بالرجل ؛كما فعلت شعوب مثلنا في العالم ألثالث؛ولنا مثل في ذلك ؛تجربة ألدكتور مهاتير محمد في ماليزيا ألذي ألغى ثقافة ألكتاتيب وشيوخ ألجوامع وأستبدلها بثقافة ألحضارة وألتكنولوجيا ألحديثة وترك حكايات ألسعلوة والجني !!وبعكس ذلك فلن يكون مصير ألعراق بأفضل من ألصومال أن لم يكن أسوء.