القيادة الوجدانية‮ ‬

في‮ ‬تجارب الشعوب والأمم نجد الكثير من المراحل التاريخية التي‮ ‬نهضت فيها تلك الشعوب بقيادات وجدانية تنتمي‮ ‬بعمق لشعوبها وأممها‮ ..‬وفي‮ ‬تقارير مفصلة قامت بها بعض المعاهد المعنية بالدراسات النفسية‮ ‬أظهرت وبشكل قطعي‮ ‬أن الإدارة الناجحة لاتعني‮ ‬تنصيب حامل الشهادة العليا في‮ ‬قيادة الإدارة في‮ ‬هذه المؤسسة أو تلك وحتى رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء فأن مناصبهم لاتعتمد بنجاحها على التحصيل الدراسي‮ ‬العالي‮ ‬مالم‮ ‬يكن هناك ذكاء وجداني‮ ‬أو فطنة وجدانية‮ …‬والمقصود هنا بالذكاء الوجداني‮ ‬هو تغلغل الحب في‮ ‬قلب المسؤول‮ ..‬
فالمعلم الناجح ليس من‮ ‬يمسك العصا ويدخل الرعب في‮ ‬قلوب التلاميذ وإنما هو من‮ ‬يملك قلب محب وحنون‮ ..‬وكذلك رئيس الدولة أو المسؤول هو ليس من‮ ‬يتسلط بجبروته وقسوته على الناس إنما الناجح هو من‮ ‬يمتلك قلب محب لشعبه‮… ‬لذلك أهتمت الدول المتحضرة والمتمدنة بدراسة وتخصص فن الإدارة‮ ‬،‮ ‬والتركيز في‮ ‬موضوعة الإختبار على الذكاء الوجداني‮ ‬في‮ ‬كل الأحوال‮ …‬
لهذا نجد أن هذه الدول قد قطعت أشواطاً‮ ‬بعيدة في‮ ‬التعامل الإنساني‮ ‬ومن ثم التطور التكنلوجي‮ ‬والتقني‮ ‬كما نشهده اليوم‮ …‬أما دول العالم الثالث فهي‮ ‬لازالت بعيدة كل البعد عن هذه المفاهيم‮ …‬بدليل أن نمطية ومنهاج التعليم العالي‮ ‬تركز بالمعدلات العالية على التخصصات العلمية مثل الطب والهندسة وغيرها‮ … ‬
أما التخصصات الإنسانية فهي‮ ‬تقبل المعدلات الواطئة وحتى إن طلبت الوزارة عدد معين لعلم النفس أو القانون فان عدد المتقدمين لايزيد على نسبة جداً‮ ‬قليلة منهم فقط‮ …‬لهذا نجد أن فاقدي‮ ‬الذكاء الوجداني‮ ‬هم المتحكمون بمصائر الناس بغلظتهم وبثقافتهم الهوجاء وسيبقون متحكمين ما لم ندرك فن الإدارة بشكل جاد وواقعي‮ ‬ونضع شروط وضوابط للقيادات الإدارية أبرزها الذكاء الوجداني‮….‬
فهناك اليوم عدد من المسؤولين والقياديين في‮ ‬الدولة قد وضعوا في‮ ‬مواقع إدارية مهمة لكنهم فشلوا فشلاً‮ ‬ذريعاً‮ ‬في‮ ‬القيادة كما وأن هناك الكثير من المدراء العامين قد وضعوا في‮ ‬مواضع هم ليس أهلاً‮ ‬لها وقد أنعكست إدارتهم الفاشلة على تردي‮ ‬الأوضاع الإقتصادية وخراب الإدارة وكثرة الفساد والمحسوبية التي‮ ‬أودت بالبلاد كما هو عليه الحال اليوم‮ ..!! ‬وعليه فنحن حاجة ماسة الى قادة إداريون‮ ‬يمتلكون فن القيادة الناجحة بعيداً‮ ‬عن المفاهيم الكلاسيكية أو العلاقات الحزبية والطائفية أو‮ (‬المحاصصة السياسية‮) ‬في‮ ‬إختيار الأشخاص لمناصب تتعلق فيها مصائر ومستقبل ناس وشعب كامل‮ …!!‬
إننا اليوم بحاجة ماسة إلى القيادة الوجدانية‮ ..‬القيادة الرحيمة‮ ..‬القيادة العاقلة الرشيدة التي‮ ‬تأخذ بأيدينا إلى بر الأمان‮ .‬