كيف تحصل على (جكسارة) خلال أيام في العراق ؟ |
منذ 9/4/2003 والى الآن، ظهر إلى الوجود الآلاف من المقاولين سواء على شكل شركات وهمية أو حقيقية أو أفراد أفرزتهم المرحلة الجديدة التي حولّت كل شيء إلى مقاولة قابلة للتسعير ابتداءً من الضمير مرورا بالمواطن وانتهاء بالتراب العراقي.. ولم يكن الفساد السياسي والإداري والمالي لينتشر بهذه السرعة أفقيا وعموديا، لولا الهمة العالية التي عمل بها المقاول العراقي كذراع اسود ملوث يستخدمه السياسي كأداة قذرة للحصول على العمولات بمباركة العناصر الفاسدة في الوزارات وان كانت تضع في الجيب الأيمن الشهادات العليا وفي الجيب الأيسر الجواز الأجنبي، وخلف كرسي المنصب (..) وفي الأدراج السلاح وتحت حراسة الدولة الرسمية ومباركة اعلام رسمي فاشل لا يرتقي الى مستوى اعلانات المهرّج في السيرك وبضمير مستريح بسبب التبرعات التي تستقطع من جيوب الشعب المسكين وتذهب باسمهم مع صورهم بطريقة (صورني واني ما ادري) وهم يتصدقون على الفقراء من ابناء الشعب لذلك يمكن ان نشبه العلاقة بين المقاول الفاسد والمسؤول الفاسد بعلاقة المنفعة الملوثة وكلاهما مصاب بما يشبه مرض (الايدز) فينتشر المرض في كل المجتمع وتنقل العدوى فيصيب المرض حتى من لم يدخل للبيت المشبوه... انّ المقاول في اي دولة في العالم هو انعكاس لأخلاق الحكومات وطريقة ادارتها للبلاد والعباد... لذلك ترى المقاول العراقي يركب ( الجكسارات ) مع سائق وحماية وبدلة انيقة ومكتب انيق وفخم متشبّها بالمسؤولين لانه يعتبر هذه المظاهر تعريفا به وفي نفس الوقت تجد المقاولين الثانويين وبسطاء العمال والمجهزين يقفون في بابه لاشهر طويلة بانتظار عودته مع عائلته المصونة من سفرتهم لقضاء فصل الصيف او مشاهدة مباريات الدوري الاسباني... انّ أول من انهار مع انهيار أسعار النفط وانهيار الاقتصاد العراقي هم الشركات الكبيرة في العراق أو شركات الخط الاول وذلك لأنها تربّت على سياسة (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) ولم ترسم سياسة صحيحة لإدارة التدفق النقدي واستثمار الاموال في داخل العراق...لان كل الشركات كان همهّا الأول هو تلميع صورهم بسبب الجوع القاتل عندهم (للجاه والمنصب الاجتماعي ) لذلك نرى ان واجهة المجتمع العراقي القديم لم توافق على الاشتراك في عمليات (الإبادة الجماعية للاقتصاد العراقي) ولم تلوث يديها بالتعاقدات الحكومية.... انّ المقاول بحاجة إلى تربية مثل تربية الطفل في المدرسة او البيت، ولكن كيف يمكن ان تستقيم عملية التربية اذا كان المربّي فاسدا؟ لم تظهر في العراق اية شركة ورغم تلال المليارات وعلى مدى13 عام استطاعت ان تضع بصمة لها في عالم المقاولات لسبب بسيط، ان هذه الشركات لا تملك زمام امرها لان هناك من يتحكم بمصيرها من خلف الستار من السياسيين الذي يقبضون عمولاتهم في البنوك الخارجية وان كل همهم اما شراء العقارات او السيارات او التمتع بالسفر واكثرهم قد تزوج لمرتين او ثلاث او تنصيب نفسه شيخا على العشيرة... انّ المقاول العراقي الذي يحضر المؤتمرات ويحصل على العقود الكبيرة هو مجرد (ذيل) لسياسي فاسد... انّ شركات المقاولات الكبيرة في العراق هم الشركاء الكبار لحيتان الفساد لذلك لا عجب ان تراهم يركبون اغلى السيارات وتكلف أعراس ابناءهم وبناتهم فنادق الـ7 نجوم خارج العراق مبالغ بملايين الدولارات وتحجز الطائرات بكاملها من العراق لايصال ضيوفهم الى الأعراس... المقاول العراقي (والمقصود بهم الشركات الكبيرة) هو اول المتبرعين لأغراض الدعاية للنفس، وأول من يبكي على النازحين لكي يخدّ الضمير اذا وخزه ويحاول القضاء عليه بقطع الهواء النقي وخنقه بأياديه السوداء... لذلك نرى ان المقاولين يتظاهرون ضد الحكومة والمقاولين الثانويين يتظاهرون ضد الشركات الكبيرة وعمال النظافة يتظاهرون ضد مجالس المحافظات وموظفي شركات التمويل الذاتي لوزارة الصناعة تتظاهر ضد الوزارات والفقراء والشرفاء يتظاهرون في ساحة التحرير....والخلاصة ان أسرع طريقة للحصول على الجكسارة... ان تكون مقاولا فاسدا أو تدير بيت فاسد، لا فرق
|