" ردح " بنفسجي

 

أثناء الحملة الدعائية لانتخاب مجالس المحافظات ،  تخلت فضائيات تابعة لأحزاب دينية عن تحريم الغناء ، وتسابقت في عرض أغنيات المدح والردح بإيقاع سريع لحث الناخبين على  الإدلاء بأصواتهم لصالح  مرشحي قوائم أعلنت في وقت سابق ، منعها القيام بنشاطات فنية ، في العاصمة بغداد ومحافظات أخرى ،  وترديد الغناء بكل أنواعه من المقام العراقي والأطوار الريفية ، والبستات ،  لأنه رجس من عمل الشيطان .
"الردح البنفسجي " وبحسب المعنيين بفن الغناء والموسيقى ،  والمتابعين ، سيكون مؤقتا ، ثم ستتخذ  إجراءات العودة  إلى التحريم ، وسيمنح الشيطان إجازة ، مع كتاب شكر وتقدير بتوقيع  مسؤول كبير ، مع توصية  بأن يكون على استعداد لتلبية أية دعوة سريعة ، وإبلاغه بحث الشياطين الآخرين على العمل لصالح قائمة محددة في الانتخابات التشريعية المقبلة ، لأن هذه الممارسة الديمقراطية ستكون حامية الوطيس ، وربما نسخة جديدة من  "أم المعارك "  طبقا للتوقعات ،  وما شهدته الانتخابات المحلية من تنافس  في بعض الأحيان كان خارج الضوابط والتعليمات .
 أكثر من عشر فضائيات لم تعرض أغنية واحدة منذ تأسيسها ،   لجأت أثناء الحملة الدعائية للانتخابات إلى بث أغنيات ، مصحوبة  بمشاهد تصور زعماء سياسيين ومسؤولين،  يقومون بافتتاح مشاريع خدمية،  ولقاءات مع المواطنين من الأيتام والأرامل وضحايا العمليات الإرهابية ،  تكشف الكاميرا ، وأثناء  أداء الأغنية ، ملامح السعادة والفرح والانشراح ، على الوجوه ، وفي مشاهد أخرى يقدم المسؤول مع ارتفاع  إيقاع "الردح البنفسجي" الهدايا المادية والمالية  في  لقطات سريعة توثق  الارتباط المصيري  للقائد بالجماهير  وقاعدته الشعبية ، فيما يرتفع صوت يردد أهزوجة تعيد للأذهان مظاهر التفاف  توصف بنظر معظم العراقيين بأنها كاذبة ، ولا حاجة لذكر الشواهد  المتعلقة  بالتحشيد الجماهيري"  في التاريخ السياسي العراقي الحديث ، ويكفي القول هنا إن "أهزوجة إحنا جنودك بالكلفات اسمع يا  القايد " تصلح لكل زمان ومكان ، وتوجه لكل سياسي ومسؤول ،  يجزل العطاء ويقدم المكرمات لأبناء شعبه ، وخاطبهم بقوله إن الأيام المقبلة سوف تشهد القضاء على الفقر ، ومعالجة مشكلة العاطلين عن العمل ، ولكن بعد تجفيف منابع الإرهاب ، وتغيير مواقف دولة إقليمية ، تعادي العملية السياسية والتجربة الديمقراطية في العراق  ، وحين يرتبط تحقيق الأهداف والوعود بشروط ، يتخلى المتطوعون لخوض معركة "الكلفات" عن استعدادهم للتضحية ، ثم ينسحبون ، بحثا عن آخر  من دعاة "الردح البنفسجي" ، يكون صادقا في تنفيذ  وعوده  وتطبيق برنامجه الانتخابي . 
 في أول عملية انتخابية خاضها العراقيون قبل سنوات  كان "فرحهم البنفسجي " يعبر عن تطلعاتهم في توطيد  النظام الديمقراطي ، والانتقال إلى مرحلة جديدة ، لكن  التمنيات لم تتجاوز  الكلام ،  وظلت على لائحة الانتظار ، وخلال السنوات العشر الماضية ،  قدموا تضحيات بشرية ومادية ، لأن  بعض الساسة  والمسؤولين من  حاملي الخنجر العفجاوي نسبة إلى مدينة "عفج "  تحزموا بحزامين لجعل الديمقراطية تخدم مصالحهم  بأغنيات "الردح البنفسجي "  واسمع يا القايد  نسبة التصويت في بغداد 30%.