من الموت نفهم قيمة الحياة

 

كتب الفلاسفة والعلماء عن الموت والحياة  الكثير … والموت ليس حالة مفاجئة للانسان ، لأنه يعرف بعد ولادته أنه سيموت ، وهو الطريق الواصل بين حياتين .. دائمة وفانية ..

 

فالموت  اذن هو الحقيقة المطلقة في الحياة كلها منذ بدء الخليقة والى أن تقوم الساعة … ولا يختلف اثنان من كل الاجناس والديانات والالوان على أن مصيرهم الموت طال الأجل أم قصر … ( كل نفس ذائقة الموت ) آل عمران 185…

 

واذا كنا نعترف أن الموت حقيقة … فلماذا  نهرب منها ، ولا تستهوينها الكتابة فيها  ، مثلما نكتب عن كل الحقائق  في الوجود ، بما فيها أتفهها …

 

 والموت بتقدم  على الحياة في قوله تعالى ( … خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا … ) الملك 2 … لانه يؤدي الى  الحياة الدائمة ، وما قبلها زائلة كما يقول المفسرون …

 

 والموت حالة نعيشها على مستوى الذات يوميا ، منها ما نراه امام أعيننا ، ومنها ما لا يُرى ، ويحصل داخل أجسامنا وهي  الاقرب الينا.. … فخلايا  تموت من أجل ولادة خلايا جديدة تستمر بها الحياة  …. واقوام تأتي وأخرى تروح ، ونباتات تموت ، ومن بذورها  الميتة تنشأ حياة أخرى ، وهي مؤشر على أن الموت ، ليس نهاية الحياة ، بل بداية لحياة اخرى ، فهل تموت النبتة بدفنها في الارض أم ستعقبها حياة مورقة نضرة ؟..

 

والاثنان الحياة والموت يسيران متلازمين معا … فلماذا نتعلق بواحد حد العشق ، ونترك الثاني ونتهرب من ذكره ، أو نتناساه  ،  او لا نعمل إستثمارا مفيدا من اجله ، كما نستثمر اموالنا والفرص في الحياة …؟

 

وكما الخلايا تموت من أجل أن تولد  اخرى ، هناك من الموت ما يرتقي  بالانسان الى درجة لا توفرها له الحياة الدنيا… أليست  الشهادة موتا ، لكنها حياة ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا ، بل احياء عند ربهم يرزقون … ) ال عمران 169 …  انها تضحية تسمو بصاحبها الى أعلى درجاتها ، ولا ترقى لها أي قيمة اخرى …هي تضحية بالحياة ضد من يريد أن يغتصب حق  أخر في الحياة .. فالموت يكون هنا من أجل الحياة وفق منظور الهي ، اخلاقي ، قيمي ، كما هو حال من يضحي بنفسه من اجل الوطن ، او من أجل مبادىء عليا أو انسانية فيتحول فيها هو  ذاته الى قيمة انسانية عليا ،  لا تموت بموته ، وثوابها عظيم عند الله في الاخرة ، وهذا مؤشر كبير يدفعنا الى ان نفهم معنى الحياة وكيف نعيشها بتوازن  دقيق نحافظ فيه على القيم ونعرف اهميتها ، والهدف منها …..

 

فالموت  اذن  هو اشارة تحذير يومية تنذرنا بقيمة الحياة لكي نحياها بارقى معانيها ، واستثمار كل لحظة فيها ، ونتوسع الى اقصى مدايات الخير والانسانية ، والتمتع بنعيمها الى أبعد ما نستطيع  وان تظهر فيها نعم الله علينا …

 

ولو لم تكن  الحياة جميلة ، وفيها هدف كبير لما خلقها الله سبحانه ، فهي  محطة مهمة يعرف منها الانسان موقعه في دار القرار من خلال عمله فيها … والموت يحثنا على أن نتعجل قبل الأجل  في فعل الخير ، وقبل ان ينفد  الوقت من أجل حياة اخرى أبدية، يكون نصيبنا منها ما قدمناه في الاولى ، لكي لا نندم  بعد فوات الاوان ونقول رب أرجعني ( لعلي اعمل صالحا فيما تركت ) …..

 

فالموت يظهرقيمة  ومعنى الحياة …

 

ولا نشعر بفائدة  الشيء الا بعد ان نفقده  …

 

وكفى بالموت واعظا …

 

{{{{{{

 

كلام مفيد :

 

فعل الانسان يكشف حقيقته .. وتصرفه الظاهر يكشف الغاطس في داخله