الشرف الذي ورثناه من الإنتساب الى الدوحة المحمدية الوارفة، التي مدت ظلالها على الانسانية جمعاء.. شرف يتضاعف بكون عليا (ع) جدنا الذي يصلنا برسول الله.. صلى الله عليه وآله؛ نتباهى بأخلاقه التي تشكل دستورا سلوكيا، يتجدد على مر الأجيال. هذا النسب مدعاة للتأمل في شخصية الامام ومواقفه؛ حين أوصى خيرا بقاتله.. عبد الرحمن بن ملجم، ولم يدع العقاب سائبا؛ إنما حدد لولي الدم.. نجله الحسن.. عليه السلام، الكيفية الشرعية لإستيفاء الثأر.. تحديد: "إن عشت أرى رأيي به، وإن مت؛ فضربة بضربة". ليس في الوجود، أشد من الموت، وأبو الحسنين على شفا الآخرة، يقرر بهدوء مطمئن.. زاهد بالدنيا مؤمن بالابدية؛ لذا علينا، بدلا من التباهي بكوننا أحفاده.. أتكلم عن نفسي على الأقل ويا حبذا الجميع.. أن نلتزم أخلاقه وتقواه وورعه، في الزهد بمغريات الدنيا والترفع عن المحرم من ملذاتها. فهو.. عليه السلام، القائل: "يا صفراء يا حمراء.. لن تغريني" مخاطبا الرب.. جل جلاله: "ما عبدتك طمعا بجنتك... ولكن وجدتك تستحق العبادة".. تلك هي الطروحات التي أتمنى ان نستحضرها، في ذكرى إستشاهده.. يوم 21 من شهر رمضان.. ملاقيا الله في شهر الطاعة؛ فالتعازي المتبادلة، مدعاة للتأمل في عظمة شخصه، الذي إنقسم الناس من حوله.. تطبيقا للآية القرآنية الكريمة: "وأهديناه النجدين، فإما كافر وإما شكورا".. الأتقياء الصالحون معه والخارجون عن الاسلام الحق ضده؛ فهو القائل في معرض حكمته: "لو لا التقوى لكنت أدهى العرب" متخليا عن فرص يستطيع خلالها ان ينتصر بالحق، على خصومه ولاة الباطل، إلا أنه إستعصم بالعروة الوثقى، مؤمنا بالله ورسالة نبيه... تلك الخسارات الدنيوية، التي شكلت ربحا أخرويا، إلتزمه الامام؛ كي ترجح كفة الولاء لله، دون التهافت على الدنيا، هي التداعيات التي أتمنى أن يستحضرها ويتبناها كل من يقف أمام شجرة عائلته، متفاخرا بورقة تصله عبر غصن يؤدي الى الجذر المحمدي، حاملا لقب "سيد علوي.. صحيح النسب".. خطاب أوجهه لنفسي وللآخرين. ليلة 19 رمضان، شجت ضربة بن ملجم، هامة الامام علي، وهو ساجد بين يدي الله، يؤدي صلاة الفجر، وما تنبسط لأبي الحسنين عضلة؛ فيتمكن سيف منه؛ إلا أثناء الصلاة، إذن إستشهد مرتين.. كونه يصلي وكونه متهجدا بين يدي رب رحيم. قد لا أعمم على كل علوي، إنما حين أتأمل إسمي المتواضع، على ورقة، في طرف شجرة الإنتساب الى القيمة الإيمانية الكبرى، التي يمثلها علي بن أبي طالب، أسائل نفسي وأحاسبها، أية مسؤولية دنيوية تلك التي شرفني الله بها؛ كي أترسم خطى أسلافي وهم يتقدمون في مدارج الإيمان، منذ ذاد علي (ع) عن الإسلام، بحياته وسيفه.. وهو لم يزل صبيا.. يدافع عن الرسالة، كفكر راسخ مبين، وعن شخص الرسول محمد (ص) كمربٍ أشرف على تنشئة إبن عمه، وأعده لخلافته في الولاية.. دنيا وآخرة. كل تلك التأملات تداعت، أمام شجرة العائلة، ليلة التاسع عشر من رمضان، وما زالت مرورا بالمعالجة 20 منه والاستشهاد 21 رمضان وتستمر؛ فهي تعني لي ولكل إنسان.. علويا كان أم ليس علويا.. دروسا في تطويع الدنيا لمرضاة الله بالصلاح والسلوك القويم..
|