يكفي انك عراقي

 

ان ماجاء بالدستور العراقي لعام 2005 يتنافى مع دساتير العراق القديمة والجديدة خصوصاً فيما يتعلق بتصنيف الشعب العراقي ويتناقض مع واقع التصنيفات القومية والدينية في الوقت الراهن، حيث يرى دستور العراق لعام 2005 ان في العراق اليوم كما يظهر في الحركات السياسية ، ثلاثة عناصر العرب والاكاراد والاتراك عدا الاقليات الاخرى، وهؤلاء كلهم مسلمون وغيرهم اقليات، وهذا التصنيف لاينسجم وتسمية (الحكومة العراقية) او (الدوله العراقيه) فلماذا لايعتبر هؤلاء كلهم عراقيين، اليس الجندي من سائر تلك العناصر الذي يشترك في مهمات قتالية يدافع عن العراق ؟ اليس الشرطي في العراق يسهر من اجل العراق ؟ اليس العامل والمقاول والمهندس والمعلم والطبيب عندما يعمل لا لكونه عربياً او كردياً او تركمانياً وانما من اجل العراق ؟ فلكل يعمل لا لكونه من هذه القوميه او تلك، ولا لكونه من هذه الديانه او تلك ، وانما يعمل لكونه عراقياً فقط. لذلك علينا ان نعمل تحت خيمة العراق، كي نتجنب تفتيت وحدة العراق وتصح تسمية (جمهورية العراق) لنحافظ على وحدته هذا من ناحيه، ولو انا الدستور اعتبر اهل العراق مسلمين لكونهم الاكثريه المطلقه وسواهم اقليات كما نصت عليه الماده الثانيه فيه من ان (الاسلام دين الدوله الرسمي) لنتجنب الطائفيه والمذهبيه ونحافظ على الوحده الدينيه من ناحيه اخرى، ولقد اعتبر دستور 2005 اهل العراق اكثر من قومية او دين او لغه كما نصت عليه بعض مواده، وهذا يعني تمييع الهويه الوطنيه والدينيه والقوميه السبب الذي كان دافعاً رئيسياً لتعميق ظاهرة (المحاصصه) وتغليب الطائفيه على الحركه السياسيه، وبهذا لم يكن اهل العراق من هذا الهوى او ذاك. وقد قيل للنعامه طيري .. فقالت انا جمل لا اطير فقيل لها تعالي نحمل عليكي احمالنا فقالت انا اطير لا جمل وهي في الحقيقه لاطير ولاجمل وانا اردة من ذلك التأكيد على ضرورة التأسيس لمشترك وطني عراقي يكتفي فيه المواطن بأن نقول له يكفي انك عراقي حتى لاينطبق علينا المثل الشعبي (بين حانه ومانه ضيعنا لحانه).

 

علينا ان نستنير في ضوء كتابات الدكتور علي الوردي وان نعتبرها من دروس الماضي القريب ، ان ارى فيها دور ومعنى في يومنا العراقي الحالي ، الذي نعاني فيه من تعدد الهويات والرؤى والتصورات والمصالح التي افرزتها السياسات الحزبيه والطائفيه والقوميه الضيقه. لقد حملت كتابات الوردي التي مضى عليها اكثر من نصف قرن الدعوى للتأسيس لمشترك وطني عراقي اساسه المشتركات الانسانيه وخلق ثقافه عراقيه تنتج مثقفاً يمتلك من العلميه والشجاعه ما يرتفع بها على الحزبيه والطائفيه والقوميه وتقديم عنوان البلاد (العراق) على غيره