يوم الإنتخابات شهادة صادقة على عمل السياسين

 

 

لقد كان يوم الأنتخابات رائعاً بمعنى الكلمة لما يمثل من معاني كبيرة وعظيمة كان ينتظرها الشعب العراقي لعشرات السنين وقدم من أجلها الملايين من خيرة شبابه وشاباته ، إن عملية أختيار مجالس المحافظات من قبل الشعب مباشرةً يعد أنجازاً حقيقياً للتغير الكبير الذي حدث عام 2003 ، بعد أن كان المحافظ يعين بمرسوم جمهوري وفي أكثر الأحيان كان المسيطر على هذا المنصب أبناء المناطق الغربية وهم الذين يديرون جميع محافظات العراق وإن حدث وعين من الوسط والجنوب فأنه يكون من مرتزقة البعث الذي لايفعلون شيء إلا بأمر القيادة العليا ، وأما المواطن فلم يكن له أي أعتبار أو رأي في أختيار مجالس المحافظات أو المحافظين ، ولكن الأنظمة الديمقراطية التي أصبح العراق أحد أعضاءها تعطي الأولوية للمواطن في أخيار جميع المجالس في البلد ، فبالرغم من هذه الأهمية للمواطن في تحديد شكل الحكومات المحلية أو المركزية ولكن هذه الأنظمة في بعض الاحيان تعاني من عزوف المواطن عن المشاركة في هذه الأنتخابات بسبب أحساسه بأن مشاركته لا تغير شيء أو الشعور بالإحباط نتيجة الفساد الذي يستشري في البلد ، لهذا السب نلاحظ يوم الانتخابات أعطى قراءة حقيقية للوضع الداخلي للعراق بالرغم من كثرت العوامل التي قد تدفعه الى صناديق الإنتخابات ومنها الفساد المستشري والمظاهرات في المناطق الغربية التي أثارت النعرات الطائفية بالإضافة الى أحداث التصويت على الموازنة ورفضها من قبل الكورد كل هذه العوامل كان يراهن عليها السياسيون من أجل دفع المواطن الى صناديق الإنتخابات ، ولكن النسبة القليلة التي شاركت في الإنتخابات أعطت الصورة الحقيقية للعملية السياسية في ذهن المواطن العادي الذي كان يسجل كل الإخفاقات التي قام بها السياسي إن كان عضو برلمان أو مجالس محلية أو أعضاء حكومة ، فالسياسي العراقي بشكل عام قد أعطى صورة قاتمة وغير نزيهة لمستقبل العراق ، فألفساد الإداري قد أنتشر بشكل عام في البلاد حتى وصل الامر أن يصرح رئيس الوزراء بأن البعثي المجتث قد يعطي رشوة ويرفع أسمه من الإجتثاث ، فتصريح بهذا المستوى يدلل على النسبة الكبيرة للفساد في البلاد ، كثرت التصريحات التي يبديها السياسيون وتناقضها مع تصريحات أخرى لرفاقه في العملية السياسية قد زرعت الشك والريبة لكل تصريح يصدر من أقل سياسي الى أعلى مستوى ، كثرت الأكاذيب التي يطلقها السياسيون قد أزعجت المواطن وحطمت كل أواصر الثقة ما بينه وبين الطبقة السياسية ، أستمرار سوء الخدمات بالرغم من الميزانيات الهائلة ولكن تأتي السنة وتنتهي وتذهب الميزانية معها أدارج الرياح كأن الميزانية لم تكن ولكن حسابات السياسين في الخارج تتضخم بعد كل سنة ، عدم السيطرة على الإرهاب بل بقى ينشر القتل والدمار وفي كل يوم يخرج محامي جديد يدافع عن المجرمين والطبقة السياسية بشكل عام تعطي تنازلات تلو التنازلات والمواطن الضحية ينظر لقاتليه متنعمين إن كانوا في السجون أو خارجها ، العلاقة السيئة التي تربط معظم السياسين بالمرجعية التي غلقت أبوابها أمامهم نتيجة كل العوامل أعلاه ، هذه الأسباب جعلت المواطن يرفض المشاركة في الإنتخابات لأنه لم يثق بكل العملية لأنها ستعطي نفس النتيجة من الفساد وسوء الإدارة ، على الرغم من إثارة بعض الإمور الحساسة كألطائفية والإبتزاز الكوردي ولكن ضخامة الفساد وعدم ثقة المواطن بالسياسين كان أكبر من الملفات التي أثاروها قبل الإنتخابات ، فهذه النسبة المشاركة في يوم الإنتخابات قد أعطت الإنذار الأحمر لجميع السياسين لأنها مقياس حقيقي للمشاركة في الإنتخابات البرلمانية القادمة ، وهذا في قمة الخطر لأن إنتخابات المجالس المحلية المشاركة فيها مهمة ولكن ليس بأهمية الإنتخابات البرلمانية ، لأن الإنتخابات المحلية تعتمد على المحافظات وهذه مهما يكن نتيجتها بشكل عام محسومة أما الإنتخابات البرلمانية فأنها تعتمد على العراق بشكل عام ، وقد تؤدي الى فوز مجموعة معينة بالأغلبية التي ستسيطر على البرلمان ومن ثم تكوين الحكومة وقد تشرع قوانيين تضر بالعملية السياسية بل قد تؤدي الى تدمير العملية السياسية ، لهذا السبب يجب على السياسين أن يعوا ويستيقظوا من سباتهم وينظروا للأمر بشكل جدي وأن يحاولوا معالجة السلبيات ويعيدوا علاقتهم بالمواطن من خلال العمل الدؤوب والصادق ، لأن العامل الحقيقي الذي يجلب المواطن الى صناديق الإنتخابات هي الثقة التي تربطه بالسياسي ومن ثم بالعملية السياسية بالإضافة الى علاقة السياسين بالمرجعية التي تنتج نتيجة الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين ، فيوم الإنتخابات كان بحق إنذار مبكر لكل السياسين لكي يصلحوا أمرهم ويأخذوا حذرهم ، لأن بعض المواطنين يخدعون بالملفات التي قد تطرح قبل الإنتخابات من أجل دفعهم للمشاركة ولكن الأغلبية قد عرفت اللعبة وبرهنت على هذه المعرفة في هذه الإنتخابات ، لهذا يجب على كل كيان أن يعطي الأولوية لأعادة الثقة ما بينه وبين المواطن لأن النتيجة ستكون وخيمة على الجميع ، فألعمل الصادق مع الأمانة هما أفضل العوامل التي ستدفع المواطنين للمشاركة لأنهم سيلحظون أن مشاركتهم ستأتي بثمارها وتدفعهم بقوة الى صناديق الإنتخابات ، لهذا فأن يوم الإنتخابات بحق قد أعطي الصورة الحقيقية للعملية السياسية وما قدمه السياسيون من أعمال للمواطنين .