يخطئ من يظن بأن خطر "داعش" وغيرھا من التنظيمات الارھابية في المنطقة يمكن استئصاله بين ليلة وضحاھا لمجرد أن القوات الامنية المشتركة العراقية قد استعادة قوتها ووحدة صفوفها لتحريرالارض المغصوبة "من يد الارهاب واخذت بسلب المبادرة من داعش والعصابات المشتركة معها او ان الانتصارات التي حققتها سورية تعني خط النهاية لها " أو لمجرد أن بعض القوى الدولية والاقليمية أعلنت عن استعدادھا للتحرك لمواجھة تداعيات وانعكسات المعارك الجارية في مدن العراق وسورية والتي فرضت واقعا جديدا تؤكد مجرياته وحيثياته عن مدى ضعف هذه المنظمات الارھابية التي تھدد بتقويض أمن واستقرار المنطقة برمتھا وما شهده لبنان . الا نموذج واحد من ذلك كله وان هناك من يدفع لبنان وبشكل متسارع جداً الى اقتتال طائفي ومذهبي وخصوصا اقتتال ياخذ طابعاً سنيا شيعيا، لسنين طويلة.
من اجل تحقیق اطماعها وتنفيذ برامجها التوسعیة بهدف السیطرة على الشرق الاوسط واعتبارها بوابة جديدة يمكن ان تُستغل داعش لنهب خيراتها وقیادتها والدلیل الاخرعلى ذلك زج بلد الارز في صراعات دموية عنیفة تحت ذريعة صد الارهاب لإیقاعها ودول المنطقة في حروب طائفية وایدیولوجية واثنية بحیث تنشغل جمیعها في محاربة ومكافحة الارهاب بدل العدو الاكبر الكيان الصهيوني وبذلك یكون تواجد الولایات المتحدة الامریكیة في هذه الرقعة الجغرافية امر ضروري وبحجة مكافحة هذه الظاهرة التي هي خلقتها لتشويه صورة الاسلام الحنيف وليكون مبرراً لتواجدها العسكري في ظل قواعدها المنتشرة في بعض بلدان المنطقة مثل السعودية وقطر وتركيا لبقائها .
واشنطن وحلفاؤها تعمل وتلعب على وتراخر وباستخدام وسیلة جدیدة وسهلة يمكن لها التشبث بأدعائها بمكافحة الارهاب الدولي من اجل امرار مخططاتها الارهايبة والشرسة. داعش يضرب لبنانَ متنقلاً من منطقة إلى أخرى، حاصداً بطريقه الأبرياء من مدنيين وقوى أمنية ، عمليات انتحارية منها نفذ ومنها ما يخطط له، منها ما كشف ومنها ما يراد منه زعزعة الأمن اللبناني واقتصاده مثلما حدث " لبنك لبنان والمهجر" وترويع اللبنانيين. الخلايا الإرهابية تتنقل بين المناطق اللبنانية وتتصارع مع الموت من اجل البقاء ، هدفها الانتقال من سوريا والعراق إلى لبنان، لتوسيع إرهابها وليمتد الى مناطق اخرى والذي بات يهدد السلم والأمن الدولي بأكمله. ما حصل في لبنان ليس إرهاباً محلياً فقط هدفه مبعث محلي سياسي أو غير سياسي، بل يرقى إلى الإرهاب الدولي الذي يحصل عندما يكون مرتكبوه من جنسيات مختلفة أو عندما ينتقل من بلد لآخر، ويشكل تهديداً للمجتمع الدولي كما أن الخلايا المتطرفة التي تحاكي فكر داعش والنصرة والقاعدة تتواجد في بعض المدن والمخيمات الفلسطينية المنتشرة في لبنان وھي في حالة ترقب وانتظار ساعة الصفر للظھور العلني وتباشرة أنشطتھا التكفيرية في اي لحظة، سيما وأن قيادات القاعدة اختفت وترفض أي تسوية أو مساومة على مصيرھا لانھا تدرك حجم تورطھا الداخلي والخارجي ولايوجد مكان بديل عندها في الوقت الحالي . ان ما تشهده المنطقة من ارهاب يطال العشرات من ابنائها يومياً هو جزء من مخطط عالمي لتغيير معالم المنطقة ورسم خارطة سياسية جديدة وشعوب المنطقة منقسمة وحكامها غيرمبالين لما يجري وتعاني من حروب غیرعادلة في اليمن وممارسة الارهاب السیاسي والاقتصادي والعسكري والثقافي والایدیولوجي والنفسي من جانب النظام العالمي بقيادة الولایات المتحدة الامریكیة لاعبها الاصلي وبعض الدول الامبريالية المتعاونة معها و الذيول من مشايخ دول التعاون والعثمنة التركية الجديدة في تصعید الارهاب الدولي بكل اشكاله من حیث استخدامها لادواتها المالیة والاقتصادیة والمخابراتية والعسكریة ، فمنذ سنوات بعيدة وهناك جهات اجنبية تعمل على تقسيم المنطقة على غرار سايكس بيكو بداية القرن الماضي، وفق مخطط مدروس للشرق الاوسط يفتت العالم العربي ويبعثر قواه ، فترتاح الدولة اللقيطة اسرائيل، وهذا ابرز ما يهم الدول الاستعمارية في هذه المنطقة، فالاولوية هي لمصالح الدولة العبرية . كما ان الازمة السياسية اللبنانية الراهنة ومنها تشكيل الحكومة ورئاسة الجمهورية لم تنشأ بفعل الخلاف او الاختلاف حول المسائل والاجتهادات الداخلية المختلفة، وانما هو استهداف اسرائيلي استعماري ليس من شأن نجاحه الا دفع لبنان للفوضى والتخبط وجعله مسرحا للتجاذب الدولي . فان اللعبة الاستعمارية اليهودية في غاية الشراسة، ولكن لدى لبنان من الارادة الحرة وصلابة النفوس ووعي العقول، ما لا يخطر في بال اللاعبين سواء كانوا من الداخل او الخارج و يمكن الحد من الظاهرة، سياسياً وأمنياً، بارتقاء الى مستوى المواطنة، والتخلي عن الاحتكام الى العنف والسلاح ليرتفع الاختلاف سياسية، لمعاقبة من أراد ضرب وحدة الشعب وترهيب أبنائها و للحفاض على هيبة الدولة.المذهبي الى مستوى المنافسة الديموقراطية. إلا ان مخاطر الخلايا الارهابية التي لا تزال قادرة على استھداف الابرياء وافتعال حوادث متفرقة تقع كلھا في سياق الارباك الامني، وھي خلايا بدأت تستعد لمرحلة جديدة بعد ان كُسرعضدها مؤخراً في موقع عديدة ولوحظ الانتعاش في أوساط قوى أصولية علقت آمالھا على ما اعتبرته إنجازات داعشية ستكون لھا امتداداتھا في مناطق اخرى ...
ولكن لن تبقى لبنان بمنأى عن هذا الخطر، خصوصاً وان على اراضيه خلايا نائمة لتنظيم «داعش» لا يعلم متى تحركها ايادي الشرولقربها من مواطن الدعم من الاحزاب التي ترتبط بدول مثل السعودية وقطر ؟ كما ان زحفها حالياً بدأ يتقلص في العراق حيث لم يبقى سوى اقل من 15% من الاراضي التي سيطرت عليها في البداية و تحررت مناطق كثيرة كما تشد الرحال عن مناطق عديدة اخرى بسبب شدة الضربات التي تتوالى عليها ، وصولاً الى سوريا التي يتوقع ان تتغير خارطة الحرب فيها في زمن لعله لن يطول لصالح النظام القائم والتي تغيرت المعادلة فيها بشكل ملموس ، اذاً ان لبنان ساحة مفتوحة امام الارهابيين و ان التخوف موجود و الاجهزة الامنية المستنفرة لتعقب الجماعات الارهابية وهي مسؤولية كبيرة مع وجود مليون ونصف مليون نازح سوري موزعين على كل الاراضي اللبنانية . رغم ذلك فان تهديد الارهاب للبنان لازال جدي ولابد من ردع من تسول له نفسه القيام بجرائم إرهابية بكل قوة ، كما يجب أن تكون محاكمة الإرهابيين خاليةً من أية تدخلات سياسية .ولا نشك بقدرة المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله والاحزاب الوطنية في الوقوف بوجه هذه الافة والقضاء عليها .