لا تسلني من اكون . . . انا سني الابوين شيعي الفكر والهوى

ليس بالضرورة ان يتبنى الانسان طائفة ابويه او احدهما ، ويدافع عنها عن حق او باطل . فكثير من المفكرين والمثقفين انحازوا الى طائفة او دين غير طائفة او دين ابائهم . وهذا النبي الاكرم عندما جاء الى الجاهلية بدين جديد قالوا له ، اننا لن نترك دين ابائنا واجدادنا . ترى هل نختلف نحن الان عن هذه الجاهلية القبلية ونحن ندعي الاسلام ؟ خصوصا بعد ان ابتلينا الان بالعصبية الطائفية المستوردة . حتى ان بعض اليساريين والمثقفين قد وصلتهم العدوى . فاخذوا يبطنون تعصبهم الطائفي المتخلف بغلاف تقدمي ، ولكنك تشم منه رائحة العفونة الطائفية بين طيات الاسطر التي يكتبونها وهم يستغفلون القراء . ان كثرة الطائفيين ، من كلا الطرفين ، لاتبرر انجراري وراء اوهام باطلة نصرة لاخواني وابناء عمومتي . يقول الامام علي عليه السلام . لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه . . قلة هم من يقولون الحق في هذا الزمن الردئ . وقلة من يعطون احكاما تخالف رأي طائفتهم . ولكن لماذا تعمينا العصبية المذهبية عن قول الحق ، او تدفعنا للانحياز الى الباطل لمجرد ان ابائنا كانوا من هذه الطائفة وتاخذنا العزة بالاثم ! متى نغادر هذه الافكار الجاهلية ، وننتقد انفسنا ، قبل ان ننتقد الغير ونصفه باوصاف الطائفية ونحن اكثر منه طائفية وتخلف . هل هو الاسقاط ؟ بمفهوم علم النفس . دعونا نتخلى عن القيود التي وضعناها بايدينا ، لننطلق الى رحاب العالم الواسع والفكر النير ، الذي يحقق لشعوبنا مصالحها الحقيقية ، بدل ان نلهيها بحكايات واساطير الاولين . ولنعود الى واقع الحال عندنا . . . فانني مثلا انظر بعين الريبة تجاه ايران ، ليس لانها شيعية المذهب ، بل لانها اشعلت المنطقة بحروب توسعية بهدف تحقيق حلم الاجداد بامبراطورية ايرانية ، تحت مضلة الشيعة او التشيع . وبنفس النظرة من الريبة والاستهجان تجاه السعودية وقطر لانهما تنشران الفكر الظلامي . . فكر السلفية الجهادية . . والجهاد ضد من ؟ . ضد شعبي وابناء وطني ، بحجة اعلاء الدين بمفهومه المنحرف . وانشاء دولة الخلافة المزعومة ! . وكلا الطرفين يريد جرنا اكثر فاكثر الى الاقتتال من اجل تحقيق اهدافهم المتخلفة والرجعية عن طريق مصادرة الفكر والعقل ، وبهذا المنطق فاننا يجب ان لا نميز بين حكم اردوغان المتخلف في تركيا ، وحكم الملالي في ايران . . فكلاهما يسير عكس التيار الحضاري المتمدن . ومن هذا الاساس فاننا ندين الحرب الاهلية في سوريا . كما ندين الحرب الاهلية في العراق ، لا بدافع نصرة المذهب ، وانما بدافع عقلاني ينطلق من مبدأ ان هذه الحروب هي ليست حروبنا كشعوب مغلوب على امرها . .
 حيث ان الاف الفقراء والمحرومين يدفعون حياتهم ثمنا لاطماع دول واحزاب رجعية شيعية وسنية ، وقياداتهم تتربع على عرش السلطة والثروة المحرومين منها . ان ابناء شعبنا البسطاء يضحون كل يوم دون مقابل من اجل زمرة من الحكام الذين اغرقوهم بالجهل والتعصب الاعمى ، لكي يستمروا بالسلب والنهب واستغلال النفوذ ، من خلال الدين والطائفة ولكي يتمتعوا بمباهج الحياة من الثروة والجاه ، هم وابنائهم ، وينشرون الفكر الظلامي المتخلف بين الناس الفقراء والمساكين ليكونوا حراسا وعبيدا لهم دون مقابل . وانظر الى الاف المصابين والمعاقين جراء الحرب وهم يقبعون في بيوتهم دون رعاية صحية او تعويضات تقاعدية تليق بتظحياتهم التي قدموها لاولائك الحكام الذين لايستحقون الحياة . 
اننا يجب ان نعمل سوية لتوعية الشعب بمصالحه الحقيقية بعيدا عن الدجل والنفاق الديني والطائفي . وان لا يسيروا وراء قياداتهم الوصولية والانانية بعيون مغمضة ، كما سار الاطفال وراء عازف المزمار السحري الذي دفعهم الى الهاوية .وبعد كل هذا ، لا تسلني من اكون . . انا عراقي النسب والفكر والهوى . . . وانت متى ستكون كما انت . حر الفكر والعقيدة . بعيدا عن تعصب الجاهلية الاولى ، والموروثات البالية .