الغيرة العراقية لا تحتاج إلى (صدمة)

 

هل نحتاج الى الصدمة فعلا، كي ندرك إنسانيتنا ومدى بقائها على قيد الحياة بعد كل ما مررنا به من حروب وصراعات وانتكاسات سياسية اثقلت علينا وافقدت الكثير منا  اي رغبة بالتغيير؟.. هذه الاسئلة وسواها اثارها في نفسي وغيري  البرنامج الرمضاني الجديد( الصدمة) الذي انتجته قناة الـmbc  الفضائية  وماحملت حلقاته من جدل و تفاعل الجمهور معه، خصوصا مع ردود افعال  المواطن العراقي تجاه ذات الاحداث الصعبة وهي تستصرخ الانسانية الموجودة في كل انسان ..لكن ذلك لم يكن غريبا علينا بقدر ماكان حديث مجالس ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام  في الدول العربية المجاورة  و التي افردت الكثير من صفحاتها لحلقات البرنامج والاشادة الكبيرة بتفاعل الرجل العراقي بالمقارنة مع اللبناني والسعودي والاماراتي والمصري تجاه  مواقف انسانية  مشابهة.

 

برنامج (الصدمة) الذي تولى اخراجه بجدارة  العراقي اسامة الشرقي اعتمد طرح مشكلات متواجدة فعلا داخل المجتمع العربي، ويبدو انها تزداد مع تعقد  الحياة اليومية، وارتفاع تكاليف العيش   كإهانة الأب او الام او الخادمة في الشارع وامام الناس، وقد اختار مخرج البرنامج عدد من الممثلين الذين يجتمعون في سوق او محل مزدحم لتنفيذ المشهد الذي يقوم في الغالب على مبدأ اهانة او تعنيف شخص كبير بالسن او مريض او تحرش رجل بفتاة، ورصد ردود افعال الناس مع مايشاهدونه من انتهاك… فمنهم من لايكترث ويفضل الصمت، واخر  يحاول تقديم النصيحة  وهناك من  يصرخ ويهدد وقد يصل الحال الى حد الاعتداء بالضرب على شخــصية ممثلي المشهد…

 

البعض اثنى على البرنامج لانه نجح في تحسين صورة الشخصية العراقية امام الجمهور العربي كونه مازال قوياً مدافعا عن الحق ويملك غيرة وشهامة اكثر من غيره من الشباب العربي الذي تعرض لذات احداث البرنامج لكنه لم يعرها الاهتمام المطلوب، وقد تكون تلك الظاهرة تستحق الاشادة والفخر والتباهي بها لكنها لاتشكل شيئا امام صمود وصبر الكثير من العراقيين تجاه الظروف الصعبة التي يعيشونها في بلدهم وسط اضطراب الاوضاع السياسية وتهديدات الارهاب والازمة الاقتصادية الاخيرة، الامر ياسادة متعلق بالتربية والجذور الانسانية الاصيلة التي ننتمي لها في بلدنا التي لن تتغير برغم كل تلك الظروف..  كما لم تأت بجديد مقدمة الصدمة من بغداد الفنانة  المبدعة الاء حسين عندما تناقش و تثني على ردة فعل العراقي تجاه مواقف انسانية، فما مر على البلاد من ويلات ومشاكل  لم ينل بالدليل القاطع  من  قيمة ومعدن الاصلاء وهم يتصدون لكل مايعرض تلك المعاني للشوائب والخدش..

 

شخصيا اجد نفسي بحاجة للاشادة بالبرنامج لانه اقترب من طبيعة شهر رمضان الفضيل من ناحية اثارته للرحمة والانسانية بيننا والتــــــذكير باخلاق ديننا الاسلامي الرحيم عوضا عن برامج الهرج والمرج والمواقف الكوميدية المقحـــــمة في معظم البرامج خاصة برامج الكاميرا الخــــفية التي تشبع الضيـــف شتائم وقلة ادب حتى تــــقول له نحن اسفون انت في برنامج الكاميرا الخفية!