وزير دفاع أسبق في حكومة البزاز.. عبد العزيز العقيلي.. وطموحات رئاسة الجمهورية

  

حدثني كثيراً رئيس الوزراء ناجي طالب عن الشخصية العسكرية   عبد العزيز العقيلي الذي كان  من المرشحين لرئاسة الجمهورية بعد حادثة الطائرة التي راح ضحيتها رئيس الجمهورية  عبد السلام عارف في 13 نيسان عام 1966 وقال طالب ان العقيلي كان من الضباط الاحرار وقدعين  في اليوم الأول لثورة 14 تموز 1958 قائداً للفرقة  الأولى ومقرها  في الديوانية ،وكان من الضباط المتشددين.وكان العقيلي طموحاً في رئاسة الجمهورية  بعد مقتل الرئيس عبد السلام محمد عارف حينما كان يشغل منصب وزير الدفاع في وزارة عبد الرحمن البزاز الاولى ،لكن القرار الذي اتخذه ضباط الجيش حينها  بقيادة قائد موقع بغداد العقيد سعيد صليبي هو الذي حسم الأمر بترشيح رئيس اركان الجيش وشقيق الرئيس الراحل اللواء عبد الرحمن عارف لرئاسة الجمهورية وكان له ما اراد بعد انسحاب عبد الرحمن البزاز من سباق الرئاسة وحصول العقيلي على صوته فقط فقد تم ترشيح عارف لرئاسة الجمهورية  واقسم اليمين ..وخرج عبد العزيز العقيلي من سباق رئاسة الجمهورية بدون صوت واحد لصوته يؤيده وبخاصة من الضباط المواصلة الذين ينتمي اليهم العقيلي وخشيتهم من غضب سعيد صليبي عليهم لما له من سطوة حينها على الجيش وبخاصة  من عبد الرحمن عارف ولما كلف الرئيس الجديد بعد يوم من انتخابه رئيس الوزراء السابق البزاز بتشكيل وزارته الثانية اعتذر العقيلي عن المشاركة فيها كوزير للدفاع ما اضطر البزاز الى تعيين اللواء الركن شاكر محمود شكري وزيراً للدفاع الجديد وهو من العسكريين الكفوئين وكان في حينها سفير العراق في لندن وصدر المرسوم الجمهوري بتشكيل وزارة عبد الرحمن البزاز الثانية في الثامن عشر من نيسان 1966 ولم تستمر الا  أشهر اربعة حيث قدمت استقالتها في السادس من شهر أب 1966 وقد كلف الرئيس عارف ناجي طالب بتشكيل الوزارة  الاولى والتي شكلها في التاسع من اب 1966 وان وزيري الخارجية عدنان الباجه جي والدفاع شاكر محمود شكري في وزارة  البزاز المستقيلة قد  احتفظا بمنصبيها وضمت احد عشر وزيراً جديداً وثلاثة من الاكراد هم عبد الله النقشبندي واحمد كمال قادر ومصلح النقشبندي وكان الرئيس عبدالرحمن عارف قد اعرب اكثر من مرة عن رغبته في التشاور مع التنظيمات القومية التقدمية، كما ان رئيس الوزراء ناجي طالب قد بدأ الاتصال مع ممثلي هذه التنظيمات منذ تكليفه بتأليف وزارته وكان يسعى لاشراكها في الوزارة لكنه اخفق في ذلك واستمر في الاتصال بها واثمر ذلك عن الدعوة الى الاجتماع في القصر الجمهوري يوم الجمعة 21 تشرين الاول 1966 ، وحضره ناجي طالب، رئيس الوزراء، ورجب عبدالمجيد، نائب رئيس الوزراء، والدكتور بديع شريف رئيس ديوان القصر الجمهوري، والفريق طاهر يحيى واللواء احمد حسن البكر، من رؤساء  الوزارات السابقين، ومن الوزراء السابقين كل من اللواء الركن عبدالعزيز العقيلي واللواء رشيد مصلح واللواء الركن محمود شيت خطاب والعميد الركن عبدالوهاب الامين والعميد الركن عبدالغني الراوي والعميد عبدالهادي الراوي، ومحمد صديق شنشل وفواد الركابي وعبدالستار علي الحسين والدكتور احمد عبدالستار الجواري وعبدالستار عبداللطيف واحمد الحبوبي وفارس ناصر الحسن واديب الجادر وخير الدين حسيب، ومن الوزراء الحاليين العميد الركن دريد الدملوجي، ومن الشخصيات القومية الدكتور عبدالعزيز الدوري والدكتور ياسين خليل والمحامي عبدالرزاق شبيب وهشام الشاوي وزكي جميل حافظ واسماعيل خير الله  ومن رؤساء المنظمات المهنية المحامي فائق السامرائي نقيب المحامين، والدكتور احمد كمال عارف نقيب ذوي المهن الطبية، والمهندس محمد حسن المخزومي، نقيب المهندسين، وخليل ابراهيم المزروق، نقيب المعلمين.. افتتح الاجتماع في الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة بكلمة من رئيس الجمهورية رحب فيها بالحاضرين، وقال: ان الغرض من اجتماعنا هذا هو الشورى وتبادل الاراء لكي نستفيد من ارائكم واستشاراتكم. وان الاخ السيد رئيس الوزراء سيشرح لكم الوضع في الداخل والخارج لتكونوا على بينة من ذلك. 44ثم استعرض ناجي طالب رئيس الوزراء، بكلمة مسهبة، الوضع في العراق منذ ثورة 14تموز حتى الان، واوضح ما عاناه العراق في هذه الفترة فقال اننا كشعب نؤمن بضرورة الثورة وعندما قامت لاقت التأييد من الجميع عدا فئة صغيرة ضربت الثورة مصالحها. وقد انجزت الثورة مهام كبيرة فقد حققت التحرر السياسي للبلد حيث لم تكن لنا قبل الثورة الحرية في ان نتعامل سياسيأ مع البلدان الاخرى، وخاصة الكتلة الاشتراكية فأصبحنا نتعاون في كل المجالات سياسيأ واقتصاديا وثقافيأ وحتى عسكريأ، واعلنت الثورة سياسة الحياد وعدم الانحياز والعودة الى الخط القومي والدعوة الى الوحدة التي مهما كانت تبدو بعيدة الا انها الحل الطبيعي لملء الفراغ السياسي في منطقة الشرق الاوسط. ومن الناحية الاقتصادية لابد ان يكون للوحدة مضمون اجتماعي واقتصادي يضمن الحياد وعدم الانحياز السياسي ويصونه من الغزو الفكري من اقصى اليسار الى اقصى اليمين فكان ذلك المضمون هو ألاشتراكية العربية التي اخذ بها البلد في دستوره وقوانينه ورحبت بها كل القوى السياسية. ثم تحدث رئيس الوزراء عن الوضع السياسي في الداخل فقال كنا ومازلنا نصارع ضغوطأ كبيرة لملء الفراغ السياسي في البلاد، وبسبب هذا الصراع الذي استمر ثماني سنوات منذ بداية الثورة حتى الان ظهرت مشاكل كبيرة وعديدة، وكان اهمها التفكك السياسي الذي يسود القوى القومية التقدمية، التي يفترض ويجب ان تملأ  هي هذا الفراغ السياسي. ان هذه المشكلة من اهم المشكلا ت التي تواجهنا وعلينا ايجاد حل لها ومسوولية هذا الحل لا تقع على عاتق الحكومة وحدها، وانما تحل بالمشاركة مع عد د اكبر من المواطنين. واشار الى مسؤ ولية القوى الثورية ودورها في حماية الثورة فقال ان القوى التي تحرس الثورة مسوؤلة… مسوولية تاريخية في ان تعمل بكل الطـــاقات للدفاع عن هذا البلد والحفاظ على الثورة وحمايتها واضاف ان على تلك القوى ان تملأ الساحة وتصد القوى الرجعية التي تريد ان تعود بالعراق الى وضعه السابق قبل الثورة وان تقف امام اليسار المتطرف ان مهمتنا واضحة ولكنها تقتضي الشيء الكثير من التضحية، فالقضية اكبر من مجرد اهداف قصيرة الأمد ولابد من التنازل وبشكل كبير حتى عن بعض المصالح الحزبية.

وتحدث رنيس الوزراء عن مهمة حكومته فقال ان هذه الحكومة جاءت من اجل هدفين، اولهما  جمع الصف واظن ان هذا هدف سام وسليم. والهدف الثاني  لبناء البلد وتعميره وتصنيعه. ان في البلد امكانيات هائلة يمكن استغلالها والاستفادة منها بسهولة لو امكننا معالجة وحدة الصفوف وعلينا ان نتعاون كلنا وان نكون كتلة واحدة متفقة متعاونة فلا تخدعنا الاشاعات والاكاذيب. ورد رئيس الوزراء على ما يثيره البعض من ان الجيش هو الذي يحكم فقال ان كل بيت في العراق فيه عضو عسكري سواء اكان جنديا ام ضابطأ ام ضابط صف، واضاف القول لقد قدم الجيش خدمات كبيرة للشعب وشارك في عمليات  كثيرة للبناء والتعمير، فقد ساهم في بناء السدود وقام بمكافحة التهريب، ولم يكن ابدآ فئة منعزلة عن الشعب. وفي ختام كلمته قال ان الحكم مسؤ ولية ضخمة وعب ء كبير ولا نريد الا شيئا واحدأ هو ان نؤمن على الثورة ونحافظ على مكتسباتها.

 كان اللواء الركن عبد العزيز العقيلي، وزير الدفاع الاسبق في وزارة عبدالرحمن البزاز الاولى، والذي رشح نفسه للرئاسة بعد وفاة عبد السلام  عارف من بين الحاضرين في اجتماعات القصر الجمهوري يومي الجمعة والسبت 21و22 تشرين الاول 1966  والقى كلمة جاء فيها:

ذكر السيد رئيس الوزراء ان هناك ثلاث مشاكل مهمة يعاني منها الحكم في الوقت الحاضر هي: المشكلة الكردية والمعضلة المالية والتفكك السياسي. واني اؤيد بدوري خطورة هذه المشاكل واهميتها واود ان اوضح رأيي بصددها. ان هذه المشاكل مترابطة ترابطأ وثيقأ فيما بينها. ولكي نصل الى حل ناجح لها يجب ان نفكر من اين نبدأ أي أن نحدد المشكلة الاكثر اهمية والتي يؤدي حلها الى تسهيل حل المشكلة الاخرى ثم التي تليها.