المسوخ |
كنا نحن أبناء الزمن السعيد نظن أن جيل العمالقة، الجيل الذي بنى بجهده وثقافته أسس النهضة العربية على امتداد الأرض العربية من أمثال طه حسين والعقاد وهيكل والمازني وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وعلي أمين ومصطفى أمين والجواهري والشبيبي والألوسي وبدر شاكر السياب والأخوين بطي وصادق الأزدي وسلام خياط وعبد العزيز الدوري وعبد الجبار عبد الله ومصطفى جواد وعلي الوردي وجواد سليم وطه باقر وجواد علي وفائق حسن والمئات أمثالهم على امتداد الأرض العربية الذين أثروا الفكر العربي وأقاموا دعائمه ، كنا نظن أن الأجيال التي تعقبهم سوف تقتدي بهؤلاء الأمثال وتبني على بنائهم ، ولكن الحقيقة الفاجعة أن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن ، وخاصة رياح الربيع العربي المسمومة فإذا بنا نجد جيلاً من المسوخ يولد جيل تسوده أمراض الجهل والتخلف الفكري والتسيب الخلقي فلا إهتمام بالتعليم ولا ضوابط في مفاصل الدولة ، والأخطر أن العناصر الأخطبوطية بدأت تتسلق وتملأ المناصب الحكومية والثقافية بغض النظر عن مؤهلاتها فالجامعات تسلقها الجهلة دون التدرج العلمي الذي ألغي لمصلحة المقربين من الدولة والسفارات صارت حكراً على الأقارب والأنصار والوظائف صارت حكراً لمن يدفع ، أما الصحافة التي من المفترض أن تكون بمنأى عن الإنحياز إلى جانب السلطة ولكن نجد الوسط الصحفي إمتلأ بمن هب ودب من المتملقين وأصحاب المصالح الخاصة فضاقت سجلات المؤسسات الصحفية والإعلامية بمسوخ لاعلاقة لها بالصحافة من قريب وبعيد , والمحزن أن هذه الطفيليات حظيت بالأمتيازات على حساب الصحفي المهني حتى وجدنا أصحاب الأجساد الناعمة يحملون هوية الصحافة واللاهثون على الموائد الدسمة اعضاء مقربون بل مكرمون على حساب الصحفي المهني النزيه وهذا غيض من فيض ممايجري في هذا البلد الذي أصبح ميدان صراع بين المصالح والأجندات المرتبطة بدول اقليمية وعالمية ويبقى المواطن الشريف والصحفي النزيه والموظف النظيف خارج المعادلة . يبقى مهمشاً تنهش راتبه حيتان السلطة وحيتان الأحزاب وإلى الله المشتكى !!
|