أردوغان يعتذر لموسكو.. ماذا بعد؟

 

 مالذي يحاول الرئيس التركي الوصول اليه في رسالة الاعتذار التي بعث بها الى الرئيس الروسي بوتين ؟

ولماذا غير رأيه مؤخراً بعد إن كان فضاً عصبياً غير آبه لحادث إسقاط الطائرة الحربية الروسية فوق سورية في تشرين الثاني من العام الماضي، مهدداً موسكو بأسقاط اية طائرة عسكرية تقترب من الحدود التركية السورية ؟

 اردوغان عدل رأيه أيضاً بخصوص العلاقة مع أسرائيل والبدء بتطبيع العلاقات وعودة السفراء الى تل أبيب وأنقرة، والتفاهم مع مصر لأعادة العلاقات المقطوعة والمتوترة، فهل هي صحوة متأخرة أم تغيير في الملفات الساخنة سياسياً وعسكرياً ، ما الذي يريده السلطان التركي المثير للجدل ؟

في الملف السوري يتحدث المراقبون السياسيون عن تغيير حقيقي بدأ بتغيير المسؤول عن إدارة هذا الملف، أذن تحاول تركيا تضييق حالة العزلة التي تواجهها بسبب سياساتها المتشنجة مع دول الجوار التركي، بعد أن عجزت عن تسويق سياساتها الفرمانية التي جلبت لها مزيدا من الخصوم، إضافة الى الخسائر الأقتصادية التصاعدية التي سببتها هذه السياسة.أن أختيار داود اوغلو وهو وزير خارجية سابق وصاحب نظرية تصفير الاعداء رئيساً للوزراء ربما جاء على أعتاب تعاظم خسائر تركيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فضلا عن إستفحال المشاكل الداخلية وبخاصة مع حزب العمال الكردي، وتناقض وجهتي نظر انقرة وواشنطن في تسيير هذا الملف ففي الوقت الذي تصعد فيه انقرة حملتها العسكرية ضد حزب العمال الكردي، نجد إن واشنطن تتعامل معه في سورية كشريك حقيقي.لم يك أحدا من المراقبين ينتظر الاعتذار التركي بهذه الصورة التي ظهر فيها بعد أن سوق أوردوغان نفسه بطلا قومياً في نظر الامة التركية عبر إسقاط طائرة السيخوي 24 الروسية ، كذلك في المواجهة التي شنتها الخارجية التركية ضد سياسات أسرائيل في غزة وسحب السفير وتجميد العلاقات.أما واقع الحال فهو غير ذلك بالتأكيد ويبدو أن تركيا قد قرأت بأمعان مايجري في العالم وما يشهده من تطورات دينامية متمثلة بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوربي وما سيخلفه هذا الأنسحاب من مضاعفات، وليس بعيدا قرب الانتخابات الاميركية وعقدة ترامب، والهزائم المتلاحقة لما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق وسورية والضربات الروسية للبنى التحتية لداعش وإضعاف قدرتها على تصدير النفط عبر تركيا المستفيد الاول من السعر الرمزي لبرميل داعش وحرمانها منه، وتنامي موجة التفجيرات في عدد من المدن التركية، وتحسب إنتقال قيادات داعش ومقاتليها الى تركيا وما سيجره ذلك على الوضع الامني التركي.تركيا تراهن في المواقف الحاسمة على عنجهيتها المعروفة ولا تسمع من الآخرين، تنفذ ماتريد على حساب مصالح دول اخرى حتى لو كانت صديقة لها، لكن معطيات السياسة الدولية غير حسابات البيدروكما يقول تشرشل لايوجد عدو دائم ولا صديق دائم، فهل سنشهد سياسة تركية متعقلة في سورية والعراق وإعادة صياغة شاملة وتعاون مثمر وعلاقات حسن جوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.غدا ليس ببعيد.