من دفتر العشرة الأواخر



1
ليس بمقدور الشيعة تحويل السنّة إلى شيعة ، وليس بمستطاع السنة تحويل الشيعة إلى سنّة . ألأمر ينطبق على كل الأديان والمعتقدات والمذاهب والملل فوق أرض الله . عيشوا بسلامٍ وحبّ مثل الأوادم كما كنتم من قبل أن يغزو بلادكم العزيزة ، الوحوش الأمريكان والإيرانيون وذيولهما التي أشهرها داعش وأخواتها بالرضاعة من نفس نبع الشيطان ، ومن الجهات كلها ، سود العمائم وبيضها وخضرها ، وأيضاً التباشير التي تنبش مقبرة التأريخ ، كي تبث الروح من جديد ، بخرافات وأحلام التبشير . ليكن كلاً بما عندهم يبتهجون .
2
ستحترقُ كلُّ أرضكم وزرعكم . ستستعينون بالماء لإطفائها فتغرقون . تصالحوا وتسالموا على قاعدة أنَّ ربّكم واحد ونبيكم واحد وكتابكم واحد . إن فعلتمْ فسوف يحبّكم الله ويرضى عنكم ، وإن لم تفعلوا ، فدونكم بحر دمٍ ودمع ومهانة . خذوا الدين على مذهب السهل والمعنى الواضح الظاهر المتكىء على الأساسيات ، وابتعدوا عن كثرة التفاسير والتأويلات والإجتهاد الشيطاني الذي سيسحلكم صوب مستنقع التضاد والتناطح والتقاتل والضلالة والتكفير .
لا أسهل من هذه المسألة ، فانجوا بأنفسكم من دوخات تجار الدين الذين يقدسون ما لا يقدس .
3
ألحشود الإنجليزية التي صوتت مع خروج بريطانيا واستقلالها عن أوربا المريضة ، هي أكبر من العدد الرسمي المعلن . الإنكليز الأصليون القوميون الأقحاح هم من قاد حفلة الإنفصال ، أما الذين اشتهوا البقاء في حضن أوربا فمنهم ملايين مملينة يتحدرون من أصول غير إنكليزية وهم خلطة من عرب ومسلمين وأفارقة وآسيويين وكومنويلثيين وأوربيين ، رأوا أن الإنفصال سيحرمهم من بعض متع وصفات الجنسية الإنكليزية التي قد تتعصب تالياً وترميهم في بحر الظلمات ، ليواجهوا مصائرهم التي شافوها في رحلة الهجرة الأولى . لندن المدينة الكونية ، مثال تطبيقي على ما ذهبنا إليه الآن .
4
بعد نحو سبعين سنةً ، تثاءبت وتململت دول الخليج العربيّ ، فاكتشفت أنّ أمريكا الوغدة لا صديق دائماً لها ، وليس على وجهها لحية رحيمة ومسرّحة ، وانّ برميل النفط بقياسها لهوَ أعظم وأعزّ من برميل الديمقراطية أو برميل دم الفقراء . اكتشاف مدهش ومفيد ينبغي تشجيعه والتصفيق له ، مع انّ فك الارتباط والتبعية والحب من طرف واحد ، سيحتاج منهم عملاً وكداً وسهراً وشجاعة ، وضخّاً غير خواف بدماء مثقفة منفتحة جديدة لعموم المشهد السياسي في تلك الدول ، وأيضاً الاشتغال على تأطير وحشر الدكتاتورية الدينية القوية المضللة ، بحدود وحديقة معلومة قد تشبه تالياً ، حديقة الفاتيكان الذكية التي تعلم الناس الصلاة ، ولا تعلمهم السياسة والحكم والمتاجرة بالمقدسات ، كما هو قائم على أرضنا العربية العظيمة العليلة حتى الآن ، بانتظار تحقق الحتمية التأريخية الطيبة التي تقول إنّ الأيامَ دولٌ .