مواطن متقشّف ومسؤول مترف |
في مقالنا السابق ( مواطن متقشف ومسؤول مترف !) تحدثنا عن معاناة ابناء الشعب العراقي بكافة اطيافه ومكوناته من ازمةٍ اقتصاديةٍ مهلكةٍ؛ بسبب الاجراءات التقشفية التي اتبعتها الحكومة العراقية، وخلصنا فيه إلى ان تلك الاجراءات التقشفية لم تطبيق على المواطنين والمسؤولين على حدٍ سواء ؟ أنما طبقت بانتقائية وازدواجية؟ وتناولنا امثلة على ابرز تلك الاجراءات التقشفية المتمثلة باستقطاع نسبة 3 بالمئة من اجمالي رواتب الموظفين والمتقاعدين، فضلاً عن ضرائب الدخل وفرض رسوم على الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية وغيرها، وبذلك تكون الحكومة قد قللت من دخل المواطن وسحبت جزء من دخله المتاح للإنفاق، فالراتب لم يعد كله متاح للإنفاق كما في السابق بسبب زيادة مبالغ الضرائب والرسوم فضلاً عن الاستقطاعات، الأمر الذي قلل القدرة الشرائية للمواطن العراقي، ومع ذلك فان السادة النواب والوزراء والرئاسات الثلاث لم تطبق عليهم الاجراءات التقشفية ولازالوا ينعمون بالترف والرفاهية وسقنا امثلة على ترف المسؤول ورفاهيته، في مقالنا الحالي وبعد ان انقضى نصف العام الحالي تقريباً لايزال المواطن العراقي يعاني من التقشف المفرط بينما ينعم المسؤول العراقي برفاهية المترف. فالمواطن المتقشف: لايزال يستقطع من راتبه للحشد وفرضت عليه ضرائب ورسوم اضافية كما اقرت الحكومة العراقية مؤخراً بفرض استقطاع ما نسبته 15 بالمئة من اجمالي رواتب الدرجات (1و 2 ) وما نسبته 7 بالمئة من الراتب الاسمي لمن راتبه اقل من مليون ونصف المليون دينار عراقي سيما بعد توقيع عقد مع صندوق النقد الدولي يشترط تخفيض الانفاق ورفع الدعم عن الوقود والبطاقة التموينية، كما يعاني المواطن من ارتفاع اسعار المواد الغذائية وخاصة في شهر رمضان الذي دائما ما يقترن بارتفاع اسعار المواد الغذائية، وتردي تجهيز الطاقة الكهربائية مما يضطر المواطن للرضوخ لجشع وغلاء المولدات الاهلية التي تشكل عبء مالي مضاعف على المواطن، اما المواطنين الذين نزحوا من مناطق الصراع في الفلوجة والرمادي وجنوب الموصل فهم متقشفون حد الموت انهم يموتون ببطء في العراء بلا مأوة ولا غذاء ولا ماء ولا مكان صالح للعيش وتعجز الحكومة العراقية عن اغاثتهم كما تعجز حكومتي نينوى والانبار المحليتين عن ذلك او ربما شغلهما صراع المناصب والمكاسب عن اهلهم وذويهم في العراء، والمواطن المتقشف النازح وابن المناطق المحررة في نينوى يعاني من تأخر استلام راتبه لأشهر عدة بسبب اجراء دوائره الضعيفة ومحافظة نينوى وتدخلاتها ومضارباتها مع المصارف وشركات التحويل المالي الأهلية، كما ان المواطن المتقشف قد يستقطع من راتبه وربما تنهى خدماته في حال غيابه عن دائرته دون عذر مقبول قانونياً. اما المسؤول المترف: فلا يزال ساسة العراق ونوابه ومسؤولوه ينعمون برفاهيتهم وترفهم، دون اي اعتبار للتقشف المنصوص عليه في الموازنة العامة، فقد تناقلت وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً وثيقة تثبت طلب وزير من وزارة الخارجية التوسط لاستحصال فيزا للدخول إلى فرنسا له ولسبعة عشر شخصاً من عائلته يرومون السفر لفرنسا للاستجمام والتمتع بمشاهدة مباريات بطولة أمم اوروبا المقامة حالياً في فرنسا، فلم يراع الوزير ازمة البلد المالية واجراءات التقشف القسرية وان كان ذلك التصرف وهدره للمال العام قد كشف واثيرت بشأنه ضجة اعلامية، فربما تكون كثيرة تصرفاته الهادرة للمال العام الاخرى محليا دون ان تكشف اعلامياً، كما تناولت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وكالات الانباء خبراً عن مغادرة مسؤول كبير مع 40 نفراً من عائلته وحاشيته بطائرة خاصة في سفرة قيل عنها علاجية إلى لندن لتصحيح عيونه، واشار البعض إلى كونها سفرة سياحية صيفية وصرف له مبلغ اكثر من 600 مليون دينار كمصرف جيب في زمن التقشف، ومن ادلة الترف الحكومي ما كشفته عضو اللجنة المالية د. ماجدة التميمي عن وجود اكثر من200) ) مستشار وهمي في الرئاسات الثلاث وبعض المستشارين مسجل بصفة مستشار ويتقاضى راتبه من الحكومة العراقية بينما يسكن هو خارج العراق، وتلك مصيبة عظمة ان يكون هناك 200 مستشار همي تصرف لهم رواتب ومخصصات وحمايات ونثرية، ومن جهة اخرى ان كان الوهميون 200 فكم يبلغ يا ترى عدد المستشارين الحقيقيون وكم تصرف الدولة عليهم ؟ وما حاجة الرئاسات الثلاث لذلك الجيش من المستشارين العاطلين عن العمل ؟ ومن ادلة ترف السؤول ان يقاطع النائب جلسات مجلس النواب ويتغيب عن الحضور ويعرقل عمل المجلس فيتعدى غيابه شهراً او شهرين إلى درجة ان احد النواب غاب 71 يوماً متتالياً دون عذر ولم يتخذ بحقه اجراء قطع راتب بسبب الغياب او فصله، ومؤخرا قاطعت كتل كاملة المجلس تحت مسمى المقاطعة السياسية على خلفية اقالة هيئة الرئاسة واعادتها فتمتع النواب برحلات استجمام في الاردن او تركيا او اوروبا ورواتبهم تصرف كاملةً دون اي استقطاع ويسمى مقاطع سياسياً او محتج أو معتصم !! وحالياً اغلب اعضاء مجلس النواب تغيبوا لأكثر من شهر ومن ثم دخلت العطلة التشريعية ومن غير المتوقع ان يلتأم المجلس بعد انتهاء العطلة وستبقى الدولة تدفع للنواب رواتبهم ومخصصاتهم وهم يستجمون خارج العراق وبعضهم داخله لكن دون عمل برلماني !!ومن ترف المسؤول، ان يخصص له راتب اسمي ومخصصات: منصب وحماية وبدل ايجار وقرطاسية ومخصصات شهادة (ان وجدت!) وتخصص له سيارات ومخصصات وقود وصيانة وتصرف له مخصصات ومنافع اجتماعية وتحسين معيشة، وتصرف لهم قروض ومن ثم يتم اعفائهم منها، وتصرف لهم اموال لمعالجة امراضهم وتشوهاتهم الخلقية بصفة منح مالية. بينما المواطن المتقشف ان كان موظفاً يصرف له راتب اسمي ومخصصات شهادة وزوجية فقط وعليه ان يتصرف براتبه المحدود للإنفاق على السكن والنقل والوقود والقرطاسية (المعلمين والاساتذة) والكهرباء والماء ومدارس اطفاله، ومستلزمات المعيشة واجور العلاج والعمليات الجراحية، ولا تصرف له مخصصات تحسين معيشة، وان قدم على قرض من وزارته او من مصرف حكومي عليه ان يسدده بفوائد ربحية ولا يعفى منه، كذلك هو حال المتقاعدين والمستفيدين من شبكة الحماية والرعاية الاجتماعية، اما عامة الشعب من الكسبة والنازحين فحدث عن تقشفهم وفقرهم ولا حرج. فهل هذه هي عدالتكم ايها المسؤولين؟ واين تقشفكم انتم؟ لما تطلبون من المواطن التقشف وتحثونه عليه ولا تتقشفون انتم واسركم وتنسون انفسكم ؟ ايها الفاسدون إلى متى تبقون في رفاهيتكم وترفكم؟
|