مكافحة غسل الأموال |
اصدرت سلطة الاحتلال القانون رقم (93) لسنة 2004 باسم قانون مكافحة غسيل الاموال، الذي اوكل تطبيقه الى البنك المركزي العراقي.
وبعيداً عن صياغة مواد هذا القانون التي تتشابه في سياقاتها ولغتها وترجمتها غير الدقيقة مع القوانين الاخرى التي صدرت في نفس الفترة وهي قانون البنك المركزي وقانون المصارف ذات الصلة بموضوعنا.
وقد اصدر البنك المركزي تعليمات كثيرة استناداً لذلك القانون اتبعه بتغيير العنوان الوظيفي للجهة الموكل اليها واجبات التطبيق واخرها كان مكتب الابلاغ.
ومن المفارقات المحيرة ان مسؤول المكتب والذي كان يتوسل بالمصارف لتأشير علامة الشك على معاملة واحدة ليتم ضبطها بعد أن اخفق المكتب في اصطياد واحدة. وتبعاً لذلك فقط خضع مدير المكتب الى حكم قضائي بالحبس وهو أمر يؤكد الحيرة.
ومع أن قانوناً جديداً قد شرع غير ان الآلية في التطبيق لم تكن واضحة والنتيجة هي الاخفاق في ضبط أية حالة (غسيل اموال). وربما تكون أوضاعنا بعيدة عن الافعال الموصوفة في القانون، حيث تقتصر على نزوح الاموال الى الخارج، بالطرق الرسمية أو غيرها بمعاملات لا تثير الشكوك فهي نقل امول من هنا الى هناك وهي بأسماء اصحابها على الجانبين. ولكن المشكلة هي في مصادر هذه الاموال وصعوبة بل وخطورة سؤال اصحابها عن تلك المصادر. ويبدو ان معرفة المصادر هي الاساس الذي تقوم عليه صحة المعاملة. لعل من المفيد ان نذهب الى اولئك الذين يطبقون قوانينهم المشابهة لنرى ما هي آلياتهم وادواتهم.
وتقول ابنتي المغتربة في رسالة جديدة تتناول باختصار موضوع غسيل الاموال في السويد:
كان موضوع قانون مكافحة غسيل الاموال جديدا بالنسبة لي حين بدات العمل .. فالمفهوم بحد ذاته لم يكن غريبا من الناحية النظرية .. لكنه كان جديدا كطريقة عمل واسلوب رقابة نمارسه يوميا من خلال تعاملاتنا مع الزبائن.
حين بدات العمل .. برزت مشكلة عملية في كيفية طرح الاسئلة المتعلقة بمصادر الاموال المودعة بطريقة لاتستفز الزبون وتكون طبيعية قدر الامكان بحيث تاتي في السياق المعتاد للمعاملات المنجزة .. حصلنا على بعض المطبوعات التي تشرح سبب طرح الاسئلة ومامدى اهمية الموضوع للبنوك والنظام المالي وبالطبع الافراد ..
فكرت في اهمية ترجمة المطبوع الى اللغة العربية نظرا لوجود نسبة لاباس بها من زبائن الفرع الذي كنت اعمل به من المتحدثين بالعربية .. طرحت الفكرة وتمت الموافقة عليها ونفذت .. اخذت على عاتقي مهمة الترجمة وتمت الموافقة على طبعها وتعميمها على الفروع الموجودة في المدينة للاستفادة منها .
لم يكن الموضوع معقدا جدا حين يتعلق الامر بالسؤال عن مصدر الاموال .. حيث ان نسبة كبيرة من المواطنين يدركون اهميته بشكل او باخر .. ويبدون التفهم المناسب لكون الامر يتعلق بمنظومة الاتحاد الاوربي باكمله وليس فقط السويد.. وكانت هذه هي الكلمة السحرية التي كانت تحسم النقاش .
كان السؤال يطرح غالبا كاجراء طبيعي .. وكنا ملزمين بطرح السؤال عند كل عملية ايداع او سحب نقدي ان شككنا في الغاية من العملية لسبب او لاخر .. ولم يكن هناك سقف محدد للمبالغ التي يتم التحقق من اصولها .. فقد يكون المبلغ صغيرا او كبيرا لكن السؤال ياتي كجزء طبيعي من المعاملة .. وكل هذا يتم في اطار معرفة المؤسسة المصرفية بنوع الزبون الذي ينجز المعاملة KYC Know Your Customer .
حين طبقنا موضوع المنظومة المصرفية الخالية من النقد .. لم تنته نظم مكافحة غسيل الاموال .. بل انتقلت الى صيغ اخرى تتعلق بالرقابة على التحويلات بين الحسابات والتحويلات الخارجية ..
فعلى سبيل المثال .. فان قانون السرية المصرفية الفعال يحتوي على استثناءات تتعلق بالتحويلات المثيرة للشكوك .. وحينها يكون الموظف المسؤول ملزما بالابلاغ عن مااثار شكوكه الى جهة رقابية تاخذ على عاتقها التدقيق والاستقصاء ..
وفيما يتعلق بموضوع التحويلات الخارجية القادمة من خارج البلاد .. فان المصارف ملزمة بالتحري عن مصدر الاموال المودعة والتاكد من سلامة مصدرها .. والصعوبة هنا تكمن في توفير الوثائق المعتمدة التي يمكن الوثوق بسلامتها وصحة صدورها .
لايخلو الامر من الاخطاء هنا وهناك .. فلكل نظام مزايا ونواقص .. لكن مايثير الاعجاب حقا .. هو القدرة المستمرة على تطوير الانظمة والقواعد المتبعه بما يناسب التغييرات السريعة التي تحدث .. والصبر اللامتناهي في التعلم والتطوير المستمرين لايجاد حلول تتناسب والتغييرات الحاصلة .. مبدا التجربة والخطا ليس غبيا تماما فيما يتعلق بموضوع التطوير . واتمنى هنا ان اتسلم ترجمة المطبوع الى اللغة العربية للمزيد من الوضوح.
|