اسكالوب وكنتاكي وكولدن بلو .. طعام يهز مشاعر العائلة العراقية الفقيرة

جميلة هي البرامج التي تعرضها القنوات الفضائية بمناسبة شهر رمضان المبارك وهذه البرامج المقدمة  باتت محط  اهتمام المواطن الصائم  الذي انهكه الحر الشديد والذي تجاوز الحد المعقول .. جميلة هي البرامج التي جعلت المواطن ينشد بكل احاسيسه لمشاهدتها والتمتع بما تعرضه القنوات  وخاصة برنامج " فطوركم علينا " الذي تقدمه قناة الشرقية حال انتهاء الصائم من  تناول افطاره حتى اصبح هذا البرنامج يمتلك حضورا متميزا من بين البرامج الاخرى  ينتظره  الصائم بشغف  ليفرغ شحنات كامنه في نفسه للاطلاع على مأساة عوائل  قسى عليها الدهر من غير ارادتها فسكنت الخرائب ومن بينهم النازحين الذين قدموا من  المناطق الساحنة  التي سيطرت عليها عناصر داعش  هذه العوائل  تعاني الفقر والفاقة والحرمان من كل مباهج الحياة لاتعرف  غير البحث عن  الامان  فيما  يعرض البرنامج عوائل اخرى  محرومة من ابسط مقومات الحياة الانسانية بعد ان قسى عليها الدهر فجعلها تلوذ  طالبة الرزق الحلال من خلال امتهانها مهن  لاتليق بالمكانة الانسانية التي وهبها الباري عز وجل للبشر ليعيشوا عيشة لاتليق بهم في بلد يمتلك امكانيات مادية  ضخمة  وايراداته المتحققه من النفط تفوق ميزانيات  مجموع دول مجاور للعراق ..  هذه العوائل المتعففة  محرومة من كل مباهج الحياة لاتعرف الحد الادنى الحداثة والثقافة حيث  تنتشر الامية بشكل كبير بين افرادها الذين غالبيتهم  جياع  محرومون حتى من لقمة الخبز الذي غالبا مايجمعونه من  النفايات لسد  رمقهم فيما عوائل مترفة تعيش في مناطق راقية من العراق غير راضية  عما وهبها الباري عز وجل من نعم وهي دائما ما تتشكى  طلبا للمزيد  وهذه الامكانيات المادية  لاتقارن  بين حياة الترف التي تعيشها العوائل الميسورة  والعوائل الفقيرة  .. 
فالعوائل الميسورة  غالبا مايكون افطارها في المطاعم الراقية لتناول ما لذ وطاب من الاطعمة التي تحمل اسماء اجنبية دخلت المطبخ العراقي  دون استأذان  تقليدا للمودة  التي غزت كل شيء في بلادنا  الموشحة بسواد الحزن والكآبة   في حين بقيت العوائل الفقيرة  محصورة ضمن الحيز المكاني الذي تسكنه وغالبا مايكون هياكل ابنية قديمة او صرائف مبنية  فوق مكبات الازبال لايعرف سكانها الحد الادنى من مباهج الحياة  التي تعيشها الاسر المترفة   التي تعودت  وبسبب رتابة الحياة في العراق قضاء اجمل الاوقات  في المنتجعات السياحية  في تركيا واسبانيا  ولبنان وغيرها من المنتجعات  في حين بقيت العوائل الفقير محصورة ضمن الموقع المكاني الذي تشغله  وان تعدت حدودها  فاكثر ما يسعدها زيارة مرقد من المراقد  الدينية المقدسة  او شراء "سندويش " من المطاعم الشعبية وهي تشعر بالرضا والسعادة  .. 
وخلاصة الكلام ان العوائل الفقيرة  بقيت حبيست المكان والزمان الذي تشغله  وبطبيعة الحال فان قلة الثقافة  والحرمان من مباهج الحياة  جعلها تعيش على الهامش  لايشعر بمشاعرها الانسانية احد  فالعائلة الفقيرة لاتعرف  ماذا تعني الاطعمة التي تحمل اسماء اجنبية  ك" السكالوب والكوردن بلو و البيكاتا  واللزانيا  والجكنت سبايسي والكنتاكي والستيك جكن " وهي في كل الاحوال لم تسمع بها او تشاهدها او تتذوقها وجميعها تعتبر للعائلة الفقيرة مجرد لغز او حزورة  تحمل اسماء غريبة لاتجد اجابة عليها او معرفة ماتحويه من مواد  غذائية خاصة وان معدة اي فرد من افرادها قد تكيفت على اكل  اطعمة  شعبية رخبصة الثمن   يسد بها  الجائع رمقه من جوع  مزق احشائه  .. صحيح ان الكشف عن معاناة هذه العوائل ضمن برنامج " فطوركم علينا " هو عملية كشف لحقيقة  مايجري في العراق من ماسي ومعاناة  وهو عمل  وطني شريف يستحق الاشادة والتقدير لكنه  في نفس الوقت لايخلوا من عملية التلاعب بمشاعر الاخرين من العوائل الفقيرة   التي غالبا مايكون افرادها في دهشة  من سماعهم  اسماء اطعمة  غريبة عن مسامعهم فينصتون لها صاغرين وهم فاتحين افواههم بكل بلادة   امام من يطلق عليه اسم " شيف "  وهو مصطلح غربي  رديف لاسم الطباخ الذي يبدأ باستعراض اسماء  الاطعمة الاجنبية التي  سيقوم باعدادها  لافطار العائلة الفقيرة  التي سلمت امرها لله  لاكل طعام لاتعرف لونه ولا طعمه ولا رائحته