ما بين الشطرة والفلوجة.. قصة ايثار

اللحمة الوطنية بين العراقيين تبقى سائدة وان تدخل في ازهاقها المغرضون، واواصر التلاحم لا تموت وان حاول تفكيكها الفاسدون، موجات من التدخلات التي صدقها اغبياء من الطرفين، استطاعت ان تشق عصا الوطن، لكن حنكة وحكمة الخيرين وقفت حائلا دون التأثير بمعالم التكاتف والتواد.

(ام خطاب) امرأة عراقية فلوجية، هي الاخرى اصابتها رياح التدخل العاتية التي اكلت حرثها، ومزقت صهوة مجدها، لم تعلم انها ستقف يوما على جسر بزيبز، تتصفح هاتف زوجها الذي اودعه اياها قبل ان يذهب للتحقيق معه، في اجراء روتيني حال نزوحهم الفلوجة، ذاك الهاتف حمل ارقام عدة، لكن لم تستطع تلك الارقام ان تنهض اهلها لتكفل (ام خطاب) عبور الجسر، بعد ان نهشت خاصرتها من ركلات طفلها الذي اعياه المرض، الا رقما واحدا كان يحمل اسم (رياض ناصرية).

لا خيار امامها سوى طلب المعونة من ابن الناصرية، تاركة وراءها كل تفاهات الخرافة التي دسوها لهم الدواعش، وافهموهم ان الشيعة مجوس، (رياض) كان يعمل سائقا لسيارة حمل طالما مر بتلك العائلة، قبل ان يذبح اصدقاءه غدرا على طريق الرطبة، مما جعلت تلك الحادثة منه عاطلا عن العمل.

رن هاتف (رياض ناصرية)، ومع فتح الخط تعالت صراخات (ام خطاب)، طالبة من العِرق السومري ان ينتفض، بعد تهدئة اتضح انها بحاجة كفيل يكفل حياتها وابنها المريض، استدان رياض الساكن في بيت متهاون في دور التجاوز، مبلغ (200 ألف دينار)، وهرع من مكانه الى حيث الجسر.

استطاع ان ينقذ حياة ولدها الذي نقله الى مستشفى مدينة الطب، وبعد شفائه أتى بهم حيث الشطرة، حيث الاصالة والسومرية والشروكًية لتتجسد كل معانِ الكرم والضيافة، فأم شهيد تطعمهم واخرى تستأجر لهم بيتا، وتلك تلبسهم، لتتزامن هذه الاحداث مع خروج (ابو خطاب) من التحقيق، ليلتحق بإسرته.

لوحة رسمها ابناء الوطن الواحد، لتزيل امام طريقها كل التعنصر والطائفية، وتكشف عن ملامح عراق ما بعد الفتوى، التي ارادت لها السماء ان تكشف الستار عن عراق التلاحم والبطولة والايثار.

خلاصة القول: كل صور البطولة والتعاون، صنعت في النجف وتجسدت في فتوى الجهاد الكفائي، التي صانت برجالها الارض والعرض، تلك الفتوى التي يحاول البعض سرقتها، واخراجها عن محتواها السماوي، أثر جرها لوجوه سلبت ودمرت الوطن.