ظاهرة الإستجداء في العراق

 

 يعتبر التسول ظاهرة اجتماعيــة خطيرة تهدد المجتمعات لما فيها من إهدار لكرامة الإنسان أمام الناس وما تحمله من اثار سلبية, كما إن اتخاذ التسول مهنة لجمع المال والعيش دليل على ضعف الثقة بالله سبحانه تعالى وهو الذي يقدر الأرزاق لجميع مخلوقاته، وقد تدفع هذه الظاهرة بالشخص المتسول إلى ارتكاب الجرائم اذن فهي بداية الطريق الى السرقة وغيرها من الاخطاء التي لا يقبل بها المجتمع.

ومن هنا لا يستطيع احد انكار ان ظاهرة الاستجداء في العراق ليست بالشيء الجديد اذ تعد من الظواهر القديمة الجديدة على الرغم مما يمتلكه العراق من ثروة نفطية هائلة تجعله في مصاف الدول الغنية, الا ان تعاقب الحروب على هذا البلد الجريح وما تلاها من حصار اقتصادي ابان التسعينات من القرن الماضي ومن ثم الاحتلال الأمريكي وما تبعه من دمار وارهاب بالإضافة الى ما شهده البلد من موجات الهجرة والنزوح كل هذا ادى الى ازدياد حجم تلك الظاهرة في المجتمع العراقي وانتشارها بشكل واسع ومنظم وعلى شكل تجمعات في بعض الاحيان تدار من قبل بعض ضعاف النفوس والمتصيدين بالماء العكر.

ان استفحال ظاهرة التسول داخل المجتمع العراقي يشكل خطراً كبيراً على المجتمع وتعزا هذه الظاهرة الى جملة من المسببات من بين أهم تلك الأسباب ( الفقر, البؤس, البطالة, الانحراف، الجهل، الطلاق، مشاكل عائلية اخرى إضافة الى الارامل والأيتام الذين وصلت اعدادهم الى الملايين بسبب الأوضاع الأمنية والإرهاب والعنف وايضاً تردي مستوى الخدمات وتدهور اقتصاد البلد ) وهذا ما اشارت اليه إحصاءات رسمية لوزارتي التخطيط والعمل والشؤون الاجتماعية وكذلك منظمات دولية إلى أن ما بين 20  إلى 25  بالمائة من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر وان عدد العاطلين عن العمل تجاوز المليون ونصف المليون شخص, وان نسبة الأمية تصل في بعض المحافظات إلى 40 بالمائة وخصوصاً في مناطق الريف ونتيجة لتلك الاوضاع الصعبة التي اجبرت العديد من الأطفال ترك الدراسة والتسرب من المدارس والعمل في مهن بعضها صعبة ومهينة أو يلجئون الى التسول في الشوارع, وبالرغم من اعتبار التسول ظاهرة سلبية وغير حضارية الا انها بالنسبة للفقراء والمحتاجين وخاصة لهؤلاء الأطفال والشباب والشيوخ تعتبر مصدر الرزق الوحيد الذي يعتاشون عليه ويعينون منها عوائلهم.

وتشير الاحصائيات الى أن 56 بالمئة من الأطفال المستجدين هم من الذكور أي اكثر من النصف مقابل 44 بالمئة من الإناث وقد تربطهم بالغالب علاقات عائليـــة مع من يرافقونهم او يقومون على تنظيم تشغيلهم بهذه المهنة وقد تصل الامور الى اشـــــــياء اخرى لا يسعنا ذكرها في هذا المورد.

وللقضاء على هذا الظاهرة او الحد منها لابد من تعاون وزارات ومؤسسات الدولة المعنية بهذا الشأن وكذلك منظمات المجتمع المدني وان تتضافر الجهود من اجل ايواء كبار السن في دور الرعاية وتأهيل الاطفال والشباب من اجل العمل والاندماج بالمجتمع والابتعاد عن الظواهر السلبية ومنها التسول وتوفير فرص عمل للعاطلين والارامل والايتام وتأسيس بيئة اجتماعية صالحة للمحتاجين والفقراء وتأمين مصدر رزق ثابت يضمن كرامتهم وعيشهم بشــــــكل لائق وغير مهين كما على باقي افراد المجتمع من الاغنياء والميسورين اداء دورهم في التكافل الاجتماعي واخراج ما عليهم من اموال فيها حق للسائل والمحروم كل هذه السبل تقود الى القضاء او الحد من ظاهرة الاستجداء وانتشارها وخطرها على المجتمع .