مفارقات أدبية |
لا يقبل كثير من القراء أن يقرأوا قصيدة لشاعر ما أو قصة لقاص ما، منشورة لمرتين في صحيفتين أو مجلتين، وكأنه لابد للكاتب أن ينشر مادته الادبية مرة واحدة في مطبوع واحد، ولا يحق له أن يكرر نشرها في مطبوع آخر. يبدو أن الامر اصبح عرفاً قرائياً اذ يكفي لمن ينشر قصيدته في مطبوع مانشره اياها، رغم ان هناك قراء ربما ليسوا من قراء هذا المطبوع، بل هم من قراء مطبوع أخر وبذلك تفوت عليهم فرصة قراءة هذا النص الذي سيظل ركيناً الى ان يجمعه الكاتب مع سواه في كتاب. انها ليست دعوة لأن ينشر الشاعر والقاص نتاجاتهما ذاتها في كل الصحف والمجلات، لأن الامر سيبدو ممجوجاً وسخيفاً، وسوف لن تقبل ادارات الصحف أن تنشر نصوصاً سبق لها أن نشرت في مطبوعات اخرى، ولكن الامر على القياس سوف يكون له مغزى أخر اذا ما عرفنا ان المغني تذاع اغنيته عشرات المرات في اليوم الواحد، بل وتذاع مصورة في عدة قنوات صباحاً وظهيرة ومساءً دون ان تتساءل اداراتها كما تتساءل ادارات المطبوعات الورقية في حال نشر الاديب مادته لمرتين متتاليتين، حيث تعتبر ذلك انتقاصاً من سمعتها في سوق النشر والتوزيع. تذاع الاغاني والمسرحيات والافلام عدة مرات في اليوم الواحد او في الاسبوع الواحد، ويتكرر الامر باستمرار، دون ان يعترض احد بل ان الاغنية اذا ما حققت شيوعاً بغض النظر عن كنهها، فانك سوف تجد عشرات القنوات تقدمها لك على طبق من ذهب، بل وتستضيف نقاد الفن وما اكثرهم للحديث عنها وكيف واين تم تصويرها وكم عانى المطرب المسكين وهو محاط بالفتيات الجميلات في حدائق غناء، لكي تظهر اولاً في عيني المخرج ومدير التصوير بأحلى صورة قبل ان تزف كبشرى للمشاهدين!. ولكن نصاً ابداعياً اذا ما نشر لمرتين فقط،فسوف يعترض المعترضون واصفين الكاتب باوصاف اقل ما فيها انه باحث عن الشهرة وانه يحب تسويق بضاعته ويحاول ان يكون نجماً في سماء الادب، ولا يمنح فرصة لغيره من الكتاب لان ينشروا نتاجهم الادبي والمعرفي. هل في الامر مغالطة من نوع ما، ولكنها مقارنة خطرت على البال، وانا اقرأ نصاً جميلاً كنت اتمنى لو ان كل المطبوعات تقوم بنشره لكي يطلع عليه الجميع لما فيه من ثراء وابداع. |