إضحك للدنيا الحرباء

 

في الوقت الذي تكون فيه أم عباس بحالة غضب خطرة فأن أبا عباس يحافظ على هدوئه المفرط ولعلَّ السيء بالامرِ هو الافراط ، فالمطلوب هو الاعتدال حتى بالاختلاف ، فالحياة الزوجية تتطلبٌ في أحايين كثيرةٍ أن يكون احدهما سالبا والاخر موجبا لكي تتوهج الحياة . فلا يمكن أن يٌضاء ايٌّ مصدر للنور مالمْ تختلف قطباه و هذا ما يجعلني أراقب عن كثب تصرفات عائلة أبو عباس فتارة أراقبهم كلصّ محترفٍ وتارة اخرى كجاسوسٍ يتجسس لصالح أم ناصر جارة أم عباس وتارة أخرى اكون مجرد صديقٍ يعشق تدوين الاحداث ولا أخفيكم سرا فاني أتصرف احياناً كطبيب نفسي يحاول أن يصل الى اغوار النفس البشرية من خلال ملاحقتي لهذه العائلة ، اليوم مثلاً  كنت جالساً عند صديقي ابا عباس ، جاءت أم عباس من صالون الحلاقة بشكلٍ مختلفٍ ، صعقني شكلها ، فقدْ جعَّدتْ شعرها و صبغتٌه بألوان متعددة كلَّ خصلة بلون مختلف ، تتدلى من كل خصلة ماسكات شعر فسفورية وبمختلف الالوان وعلى عكس كل النساء فلم تستخدم احمر شفاه بل ابيضَ شفاه وبدلَ أن تستعمل مبيِّض بشرة فأنها أستعملت مُسوّد بشرة فصارت بشرتها زنجية وبدل أن تماشي تطورات الموضة فأنها خالفتها حين مسحتْ التاتو وقامتْ بتثخين حواجبها، حتى أظافرها صبغتها باللون الابيض وفي وسط حنكها وضعت شامة صناعية كما أرتدت ساري موريتاني أو صومالي ، لا اكتمكم سراً فأني ذهلتُ للوهلةِ الاولى ، أما صديقي ابو عباس فكاد يغمى عليه حين دخلت وقالت بلكنة صومالية هاااااي أنا سيلينا من الصومال أسلم عليكم كيف حالكم ، لست أدري لماذا بقيت متسمراً بمكاني وأنا أراها بهذا الشكل حتى أنني لم اتفوه بكلمة واحدة بل أنني لم أستطع أن أرد عليها السلام ، أما صديقي أبو عباس فأنا على يقين بأنه اصيب بجلطة قلبية او أزمة نفسية حادة لذلك لمْ يتحرك منه الا ما يحرك الريح من ثيابهِ فقد تجمدَ وتصلبَ ولم ينطقْ بحرفٍ ، فكل الحروف تلعثمت في فمهِ وقال كلمة واحدة لم اعرفْ معناها ولم أسمعْ بها من قبل . اعتقد قال شتوورددوخ وتسمَّرَ بعدها . لا اجد مبرراً لسلبيتي بهذهِ الامور و لِمَ لا أحسن التصرف فلقد تركت صديقي ينازع الموت دون أن احركَ ساكناً ربما كان هولَ الصدمة شديداً عليَّ ، افاقَ أبو عباس من هولِ الصدمة وقال كلمات لم يحسن تجميعها : شنو ؟ ! منو ؟! ليش ؟ ! شكو ؟! منو أنتِ ؟! فضحكت أم عباس حتى بان بياض اسنانها وقالت : أنا سيلينا صديقتك من الصومال ” وأخرجت من حقيبتها صورة سيلينا ، فعلاً كانت ام عباس تشبهٌ الصورة الى حدٍ كبير ” وأستدرَكَتْ قائلة : أنظرْ كم أشبه صديقتك الصومالية سيلينا ؟ هل تعرف صديقتكَ الفيسوية التي تتحدث معها منذ عدة أيام ، وليكنْ في علمك من الان وصاعداً عندما أراكَ مهتماً وتتكلم مع أمراة صينية سأتحول الى صينية وعندما تتكلم مع بلجيكية سأتحول الى بلجيكية وعندما تتكلم مع اسرائيلية سأتحول الى اسرائيلية ، وأنتً بكيفك ! ودَخَلَتْ حجرتها وراحت تغني اغاني صومالية لم افهمْ منها كلمة واحدة …

 

خَذلتٌ صديقي ابا عباس مرة اخرى حينَ وجدتٌ قدماي تسبقني الى خارج المنزل وتركتهٌ يصارع صدمتهٌ بين الموت والحياة .