الموبايل العين الثالثة والمدون رقم واحد .

الموبايل هذا الجهاز حديث العهد نوعما على الشارع العراقي وعلى المدنية العراقية بصورة عامة اليوم هذا الجهاز الغريب يسطر ويؤرشف ويفضح ويشرح قصة مدينة من الفها الى ياءها .. ربما يعرف النظام السابق جيدا أن هذا الجهاز له تأثير على مستقبله السياسي ومنعه من دخول العراق ليحافظ لفترة اطول على بقاءه في السلطة ولذالك اعتمد على اخراجه خارج اللعبة السياسية والاجتماعية العراقية لكن اصبح هذا لجهاز اليوم ملازم الى المواطن العراقي ولايمكن على المواطن مفارقته حتى ولو كان هذا المواطن عجوزا او شابا يافعا او مرأة او طالبا او ربة بيت فلا غرابة ان تشاهد هذا الجهاز متداول بين الناس ,, الغريب فعلا ان لا ترى هذا الجهاز بيد احدهم حتى ولو كان هذا الشخص جندي يقاتل في الخطوط الامامية وعلى خط النار الشرس بينه وبين اعداء العراق داعش .
على خطوط تلك المناطق الساخنة والقتال دائر بين الجيش العراقي والحشد الشعبي من جهة وقوات داعش الارهابية ترى البعض يهرول وهو منحنيا ويحمل هاتفه النقال ويصور بطولاته ويدون احاديث رفاقه ويلتقي بمقاتلين يجانبوه على الخط الاول غير مبالي بالقذائف والاطلاقات النارية بل احيانا ترى هؤلاء الحاملين لذالك الجهاز العجيب يركضون نحو سقوط القذائف ويكتبون لهم ولأهاليهم قصص بطولاتهم ويسطرون ملاحمهم مباشرة ويرسلوها الى اصدقائهم والى عوائلهم مباشرة وتتلقفها مواقع التواصل الاجتماعي لتسجل تلك اللحظات التي ربما لايمكن ان يعيشها اي شخص بعد الف من السنين انها ملحمة يكتبها جهاز صغير يحمله مقاتل يتسابق مع الموت ..
في معركة الفلوجة الاخيرة اظهرت بعض الفيديوات صور لم يكن يحسب لها ملتقطها ما لها من تاثير على الوضع السياسي الذي كما يبدوا لي ان الكثير من المقاتلين الفقراء من الجيش والحشد الشعبي لايعنيهم مايدور خلف اسوار المنطقة الخضراء من تجاذبات وتقاطعات تصل الى حد اتهام هؤلاء المقاتلين بالتجاوز على النازحين او على المدنيين العزل وكل يرمي بحجره على راس ذالك المقاتل المسكين الذي يسجل لحظاته اول بأول لايدري ان فطرته وحبه لوطنه وتنفيذه لواجبه وحب الله له يجعل من تلك اللقطات حججا دامغة يتباهى بها ابناء العراق الغيارى وهم يظهرونها ليفندون كل الاتهامات التي ترمى بأحجار الكراهية وبدوافع طائفية جعلت من دواعش السياسة والفساد يقفون عاجزين عن كيفية الصمود امام هذه الحقائق البريئة لأجهزة الموبايل المرافقة لجنود الله على ارض العراق وهم يسطرون تاريخهم وعوائلهم بصور لو قدر لها ان تحسب بأشرطة الكاميرات ذات الاشرطة القديمة السينمائية لربما يصل طولها الى الكيلوات من الامتار .
لم يقتصر حمل الموبايل على المقاتلين فقط بل تعداه الى اماكن تواجد النازحين والهاربين من اتون المعركة وهؤلاء هم ايضا لديهم ما يظهرونه للعلن وللرأي العام العراقي وللسياسيين الذين تخلوا عنهم وقت المحنة واليوم ينغطون ويصرخون وقت تحرير تلك العوائل وهؤلاء للاسف الشديد يعملون بأوامر خارجية او داخلية تطلب منهم أن يحطوا من قدر الجيش العراقي وقوات الحشد وتتهمهم بالارهاب والقتل والتنكيل ومرة اخرى يخرج الموبايل ويطل برأسه الى كل هؤلاء ليعلن كذبهم ويعري ادعائاتهم وهو يظهر بالدليل القاطع وبالصور البسيطة التي لا تقبل الشك ان التعامل مع ابناء الفلوجة والكرمة والصقلاوية كان تعاملا انسانيا مفعم بالاحترام والمساعدة وحتى بتقديم العون لهم ليسكت هؤلاء ايضا دون ان يعيدوا اتهاماتهم ..
بعض الصور الموبايلية كانت قد عبرت المألوف والاعتيادي وهي تدون انقاذ بعض النازحين على ايدي ابناء الجيش والحشد الشعبي وهم يتعرضون الى وابل من الرصاص القاتل ليسقط المنقذ والمواطن المسكين برصاص داعش وهذه اللوحة الانسانية العراقية لايمكن الا ان تكون ضربا من الخيال او شطحة هوليودية تتبناها جهابذة السينما الامريكية . بالامس شاهدت السيد الهميم وهو يخطب امام جمعا من الشباب والرجال النازحين وهو يطلب منهم ان يخبروه بما سمع من أحد السياسيين ان هؤلاء تعرضوا الى الاهانة والتنكيل وابشع صور الضرب والقتل و لكن الذي جرى وعلى مرأى من موبايل احدهم وهو يصور الحدث دون ان يشعر به احد ان هؤلاء الجمع يثنون ويشكرون ويقدسون رجال الحشد والجيش بل ويطلبون منه ان يتطوعوا الى الجيش وكل ماسمعه هراء ..
اذن دائما ما يكون هذا الجهاز المكروه المحبوب المذموم جاهزا في واردة وشاردة الاحداث ويعلن انه موجود في كل اللحظات ..
اثبتت بطولات الجيش العراقي ومقاتلية وعن طريق الموبايل والافلام المسربة انه جيش لايمكن الا كما كان جيشا عقائديا مدربا يقاتل بشراسة حد الاستشهاد وبالتالي فأن المتصيدين وربما بعض اصحاب الاجندات سيعرفون آجلا ام أجلا ان العراق سيعود بجيشه الى حاضرته وسمعته وهو يتبوأ مراتب القتال الوطني بعيدا عن التطرف ..
كل ذالك بفضل جهاز كان ممنوعا على العراقيين ليصبح المدون رقم واحد لتاريخ العراقيين التاريخ الناصح الابيض